هل نسى المُشرع حدودنا السيبرانية؟
لم يكن غريبًا أن يخرج علينا مؤخرًا النائب العام مؤكدًا أن لمصر حدودًا رابعة غير الجوية والبحرية والبرية، وهي الحدود السيبرانية، ومن ثمّ فقد وجبت حمايتها من المخاطر التي تمس النظام والآداب العامة، وكذلك تقاليد المجتمع.
وهي أيضًا ذات المخاطر التي فطن المُشرع لوجودها منذ سبعة عشر عامًا، محاولًا سد الثغرات في وجه الأعداء من الداخل والخارج، ولكن هل ما زال ذلك التشريع مواكبًا للغرض الذي صدر من أجله؟
هل ترجع محكمة النقض عن أحكامها الباتة؟
حدد القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات مبادئ وقواعد لتنظيم جميع أنواع الاتصالات، إلا ما استثنى بنص خاص، وناط بالجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تنظيم وسائل إرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات.
يأتي ذلك سواء كان الاتصال سلكيًا أو لاسلكيًا، وخدمة الاتصالات الدولية بين المستخدمين فى مصر وبين الدول الأجنبية من خلال المعابر الدولية للاتصالات بما فى ذلك الطيف الترددي الذي يمثل حيز الموجات التى يمكن استخدامها فى الاتصال اللاسلكى طبقاً لإصدارات الاتحاد الدولي، وضمان الاستخدام الأمثل لهذا الطيف مع مواكبة التقدم العلمى والفنى والتكنولوجي.
هذا هو المستشار محمد هشام مهنا "الإنسان"
كما يختص الوزير والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات بوضع قواعد وشروط منح التراخيص الخاصة باستخدام الطيف، وإصدار هذه التراخيص وتجديدها وإلغائها ومراقبة تنفيذها وذلك كله بما لا يخل بالمصلحة العليا للدولة والأمن القومى للبلاد.
وعلى الرغم من أن التشريعات المصرية بما فيها قانون تنظيم الاتصالات لم تحدد الحالات التى تستدعى حجب المواقع الإلكترونية، إلا أن ذلك لا يخل بحق الأجهزة الحكومية والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات في حجب بعض المواقع على الشبكة الدولية للإنترنت حينما يكون هناك مساس بالأمن القومى أو المصالح العليا للدولة وذلك بما لتلك الأجهزة من سلطة فى مجال الضبط الإداري لحماية النظام العام بمفهومه المثلث، الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة للمواطنين تحت رقابة القضاء.
ولا يغير من ذلك أن حجب موقع اليوتيوب يرتب خسائر تتجاوز مئات الملايين من الجنيهات، إذ إن ذلك مردود بأن حماية المجتمع المصري من الفتن والاضطرابات وحماية معتقداته وثوابته الدينية مقدم على أي إعتبار مادي آخر.
وإغلاق موقع يوتيوب لا يعد قمعًا لحرية التعبير وعوده لعصور الظلام، إذ إن ذلك مردود بأن العالم يشهد أن مصر كانت وما زالت منارة للفكر والفن، وذلك ردعًا وتقويمًا وإنذارًا لتلك المواقع ولكل من تسول له نفسه العبث بالمعتقدات والثوابت بحجة حرية الفكر والتعبير لإثارة البغضاء والكراهية بين أبناء الشعب الواحد.
ولذلك يتعين سرعة سن تشريع يمنع ويجرم كل بث أيًا كانت وسيلته من شأنه أن ينال من المعتقدات والثوابت الدينية للشعب المصرى حفاظًا على السلام الاجتماعى ووحدة النسيج الوطني.. وللحديث بقية.