حكم صيام "الستة البيض"
ما أصل تسمية الأيام بالبيض وما هى وهل منها الستة من شوال كما يشاع بين الناس؟
ورد هذا السؤال فى الجزء الرابع -العبادات- من موسوعة "أحسن الكلام فى الفتاوى والأحكام" للشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف فيقول:
الأيام البيض موجودة في كل شهر قمري.. وهي التي يكون القمر موجودا فيها من أول الليل إلى آخره (وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر) وسميت بيضًا لابيضاضها ليلا بالقمر ونهارا بالشمس وقيل لأن الله تاب فيها على آدم وبيض صحيفته.
وجاء في الزرقاني على المواهب أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر ورواه النسائي. وعن حفصةَ أم المؤمنين قالت: "أربع لم يكن النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ يدعهن ـ يتركهن ـ صيام عاشوراء والعشر أيام البيض من كل شهر وركعتي الفجر" رواه أحمد..
اقرأ ايضا:
من هم الغارمون الذين تدفع لهم الزكاة؟
وعن معاذة العدوية أنها سألت عائشةَ أم المؤمنين: أكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم فقلت لها: من أي أيام الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم. رواه مسلم.
ثم قال الزرقاني: والحكمة فيها أنها وسط الشهر ووسط الشيء أعدله ولأن الكسوف ـ أي كسوف القمر ـ غالبا يقع فيها وقد ورد الأمر بمزيد من العبادة إذا وقع فإذا اتفق الكسوف صادف الذي يعتاد صيام الأيام البيض صائما فيتهيأ له بأن يجمع بين أنواع العبادات من الصيام والصلاة والصدقة بخلاف من لم يصمها فإنه لا يتهيأ له استدراك صيامها.
وهذا ما جاء في صيام الأيام البيض الثلاثة من كل شهرأما الستة أيام من شهر شوال فإن تسميتها بالبيض تسمية غير صحيحة وبصرف النظر عن التسمية فإن صيامها مندوب مستحب وليس واجبا وقد ورد في ذلك قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر" رواه مسلم..
كما جاء في فضلها حديث رواه الطبراني "من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه” ومعنى صيام الدهر أى صيام العام وجاء بيان ذلك في حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عدة روايات لابن ماجه والنسائي وابن خزيمة في صحيحه ومؤداها أن الحسنة بعشر أمثالها فشهر رمضان بعشرة أشهر والأيام الستة من شوال بستين يوما أي شهرين وهما تمام السنة اثنا عشر شهرا.
اقرأ ايضا: متى فرض الصيام في الإسلام؟
وهذا الفضل لمن يصومها في شوال سواء أكان الصيام في أوله أم في وسطه أم في آخره وسواء أكانت الأيام متصلة أم متفرقة وإن كان الأفضل أن تكون من أول الشهر وأن تكون متصلة. وهي تفوت بفوات شوال. وكثير من السيدات يحرِصن على صيامها سواء أكان عليهن قَضاء من رمضان أم لم يكن عليهن قَضاء. وهذا أمر مستحب كما قرره جمهور الفقهاء ونرجو ألا يعتقدن أنه مفروض عليهن فهو مندوب لا عقوبة في تركه.
ويمكن لمن عليه قضاء من رمضان أن يصوم هذه الأيام الستة من شوال بنية القضاء فتكفي عن القضاء ويحصل له ثواب الستة البيض في الوقت نفسه إذا قصد ذلك فالأعمال بالنيات وإذا جعل القضاء وحده والستة وحدَها كان أفضل بل إن علماء الشافعية قالوا: إن ثواب الستة يحصل بصومها قضاء حتى لو لم ينوها وإن كان الثواب أقل مما لو نواها.
جاء في حاشية الشرقاوي على التحرير للشيخ زكريا الأنصاري "ج 1 ص 427" ما نصه: ولو صام فيه ـ أي في شوال ـ قضاء رمضان أو غيره أو نذرا أو نفلا آخر حصل له ثواب تطوعها إذ المدار على وجود الصوم في ستة أيام من شوال وإن لم يعلم بها أو صامها عن أحمد مما مر ـ أي النذر أو النقل الآخر لكن لا يحصل له الثواب الكامل المترتب على المطلوب إلا بنية صومها عن خصوص الست من شوال ولا سيما من فاته رمضان أو صام عنه شوال لأنه لم يصدق عليه أنه صام رمضان وأتبعه ستا من شوال.
اقرأ ايضا: حكم الشرع فى صيام من ذهب عقله وهل يقضى؟
ويشبه هذا ما قيل في تحية المسجد وهي صلاة ركعتين لمن دخله قالوا: إنها تحصل بصلاة الفريضة أو بصلاة أي نفل وإن لم تنوَ مع ذلك لأن المقصود وجود صلاة قبل الجلوس وقد وجدت بما ذكر ويسقط بذلك طلب التحية ويحصل ثوابها الخاص وإن لم ينوها على المعتمد كما قال صاحب البهجة. وفضلها بالفَرض والنفل حصل والمهم ألا ينفي نيتها فيحصل المقصود إن نواها وإن لم ينوها.
وبناء على ما تقدم يجوز لمن يجد تعبا في قضاء ما فاته من رمضان وحرص على جعل هذا القضاء في شوال ويريد أن يحصل على ثواب الأيام الستة أيضا أن ينوي القضاء وصيام الستة أو القضاء فقط دون نية الستة وهنا تندرج السنة مع الفرض وهذا تخفيف وتيسير لا يجوز التقيد فيه بمذهب معين ولا الحكم ببطلان المذاهب الأخرى.