الدكتور عبدالحليم محمود يكتب : ثمرة التقوى
فى مجلة آخر ساعة عام 1980 كتب الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الازهر السابق ـــ ولد فى 12 مايو 1910 ، رحل عام 1978 ــــ مقالا قال فيه: “يبدأ الحديث عن الصيام بالحديث عن حكمته ، فحينما يحل هذا الشهر المبارك يكثر الحديث عنه فى الصحف والمجلات والكتب ، وتتبارى صحافتنا المصرية فى اجتذاب أكبر عدد من الكتاب ليكتبوا حديث رمضان ، أو حديث الصيام .
ويتنافس كتابنا فى استنتاج الهدف من الصيام ، ومن الحق ان نقول ان التوفيق يصاحبهم فى كثير من الاحايين ..بيد ان هذه الاراء التى تذكر فى حكمة الصيام محدودة ولذلك فهى دائما موضع تكرار . فمن الاراء التى ذكرت فى حكمة الصيام ان الانسان تحكمه عاداته الى درجة يصبح معها وكأنه آلة من الالات التى تسير على نسق معين ، والانسان الذى تحكمه عاداته يصبح عبدا لها .. وفرض الله الصيام ليحرر الانسان من هذه العبودية .وقد كتب الكثير عن فوائد الصوم من الناحية الطبية فكتب المرحوم فريد وجدى يقول (كان الناس الى زمان قريب يحسبون ان الصيام من الشئون الخاصة بالاديان .ولم يكد ينتشر الطب بين الناس حتى علموا ان الصيام قد اعتبر من مقومات الصحة الجسمانية ، كما علموا من عهد ابقراط انه عامل قوى لتنقية الجسم من سموم الاغذية .كذلك فرض الله الصوم ليحس الغنى بألم الجوع فيحسن الى الفقير وبذلك يسود العطف والمودة فى المجتمع ....وكذلك فرض الصيام تهذيبا للنفس وتصفية للروح .ومن دقة الامام الشافعى انه لم يقل ان الصوم يعلم الجود فقال (احب للصائم الزيادة بالجود فى رمضان اقتداءا برسول الله ولحاجة الناس فيه الى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم فيه بالعبادة عن مكاسبهم .كما لاحظ ذو البصائر ان الصبر لايكاد يوجد عند الصائم بل يتخذ الناس عذرا للصائم ..ومن هنا برى بعض المفكرين ان حكمة الصوم لايعلمها غير الله .ونحن هنا لا نتمشى مع النظرة التى تنفض يدها من بيان الحكمة من الصوم ولكن لو تأملنا الايات القرانية التى تحدثت عن الصوم فنستلهمها الحكمة ..ففى قوله تعالى :يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .ولعل هنا لانجزم بان ثمرة الصيام لامحالة لان الصوم يعد ثمرة التقوى للصائم ،فإذا ماتعهد الانسان نفسه التى اعدت بالصوم وانتهى الى التقوى كان جزاؤه حقيقة عند الله عظيما .ولا ينتهى الصوم الى ثمرته التى ارادها الله منه الا اذا صدقت النية وقويت العزيمة .والتقوى تتالف من عنصرى ..العنصر الايجابى وهو القيام بما أمر سبحانه وتعالى من فروض وواجبات فى القول كالامر بالمعروف والنهى عن المنكر .
ما هي الحكمة من الصيام ؟.. الشيخ جمال قطب يجيب
.اما العنصر الثانى للتقوى فهو الامتناع عما نهى الله عنه فى القول كالغيبة والنميمة والكذب ، واذا تحققت التقوى بالصوم فقد تحققت القيم الروحية التى احبها الله سبحانه وتعالى للصائم والتى دعا اليها نبينا صلى الله عليه وسلم