القصة الكاملة لفيديو هجوم عمرو أديب على شيخ الأزهر.. هكذا سقط جمهور الـ"سوشيال ميديا" في مصيدة "صناع الفتنة"
حالة من الجدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي على مدار اليومين الماضيين ومستمر صداها حتى الآن بطلها فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والإعلامي عمرو أديب بعدما ظهر فجأة مقطع فيديو لأديب يهاجم فيه الإمام الأكبر ويطالبه بالتنحي ويحمله مسئولية دماء المصريين الأمر الذي أثار غضبًا وجدلًا كبيرًا بدى واضحًا ليس فقط على الصفحات والمجموعات الخاصة بالعاملين والدارسين بالأزهر ومحبي الشيخ الطيب بل عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
شرارة الفيديو
نقطة انطلاق شرار هذا الفيديو بدأت قبل يومين وبالتحديد بعد حادث بئر العبد الأخير والذي أدى إلى استشهاد وإصابة 10 عناصر من أفراد القوات المسلحة حسبما أعلن المتحدث العسكري بسبب تفجير عبوة ناسفة في المركبة التي كان يستقلها الجنود فى إحدى النقاط الأمنية في منطقة بئر العبد بسيناء بعدها وسريعًا ظهر الفيديو - الذي تبين فيما بعد أنه قديم - والذي ظهر فيه عمرو أديب وهو يهاجم شيخ الأزهر ويطالبه بالتنحي وتقديم استقالته.
الفيديو المفبرك
وبتتبع "فيتو" لمصدر الفيديو تبين أن عمرو أديب لم يتحدث عن شيخ الأزهر بعد حادث بئر العبد لكن الأمر يرجع إلى عام 2015 وبالتحديد في شهر مارس عندما كان عمرو أديب يعمل في قناة "اليوم" - إحدى القنوات التابعة لمحطة "أوربت" - ويقدم برنامج "القاهرة اليوم" وحمل الفيديو عنوان "خطة تركية إخوانية لضرب الأزهر بتأسيس كيان مواز لتخريج أئمة" وحينها هاجم "أديب" شيخ الأزهر ووكيل المشيخة بعد مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي للطيب بإحداث ثورة دينية.
الفيديو الأصلي
سبب الخديعة
وعلى الرغم من أن الفيديو قديم لكن الفخ الذي وقع فيه كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي هو الصورة التي ظهر عليها الفيديو حيث كان في خلفية الشاشة أثناء حديث عمرو أديب شعار فضائية "mbc" مصر التي يعمل بها حاليًا مقدمًا لبرنامج "الحكاية" ما خدع العديدين وخاصة رواد السوشيال وجعلهم يعتقدون أن محتوى الفيديو حديث وأن "أديب" صرح بهذا الكلام بالفعل خاصة بعد وضع عنوان للفيديو هو "عمرو أديب يهاجم شيخ الأزهر ويطالبه بالاستقالة بعد حادث بئر العبد".
كيف تمت فبركة المقطع؟
وبالبحث في الأمر تبين أن هناك عددًا من البرامج التي يمكنها تحويل وضع صورة حديثة على محتوى فيديو قديم ليظهر الفيديو بشكل حديث ومن أشهر تلك البرامج برنامج "kine master" حيث يستخدم في وضع صورة حديثة على محتوى فيديو قديم بما يوحي أن الفيديو المستخدم حديث.
ردود الأفعال
انتشر الفيديو بعدها كالنار في الهشيم خاصة عبر صفحات ومجموعات العاملين والدارسين بالأزهر الشريف وثارت حملة شعواء ضد عمرو أديب والإعلامي أحمد موسى والذي أعيد له نشر فيديو قديم أيضًا يهاجم فيه شيخ الأزهر ، وتم تقديمه على أنه فيديو حديث حيث هاجم العاملين في الأزهر والمحبين للشيخ الطيب.
وبعد انتشار الفيديو دشن مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي "هاشتاج" حمل اسم "أدعم_ شيخ_ الأزهر" تصدر قائمة الأكثر تداولًا على موقعي "تويتر" و"فيسبوك" داخل مصر حيث عبَّروا خلاله عن اعتزازهم ومساندتهم لشيخ الأزهر ، وتفاعل المتابعون مع الهاشتاج بشكل واسع النطاق ، معربين عن تقديرهم للطيب وفخرهم به كإمام للمسلمين وبالأزهر كمنارة في مصر والعالم.
أديب تحت القصف
كما عمد بعض محبي الإمام الأكبر على مهاجمة عمرو أديب حيث نشر البعض مقاطع قديمة له وصورًا له في بدايته في العمل الإعلامي بالإضافة إلى مقاطع فيديو تكشف رأيه في فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل تنحيه وبعدها ولم يكتفوا بذلك بل واصلوا هجومهم على "أديب" ، مدعين أنه يفتقد المصداقية ويقول الشيء وعكسه إذا ما تغير الظرف السياسي.
صوت العقل
واللافت أنه أثناء تتبعنا للأمر وجدنا أن بعض المعلقين في جروبات وصفحات العاملين والدارسين بالأزهر قد فطن أن الفيديو الذي قامت الدنيا بسببه قديم وأن عمرو أديب لم يتحدث بهذا الكلام مؤخرًا حيث عمل هؤلاء على توضيح الصورة ، مطالبين الآخرين بتحكيم صوت العقل وعدم الانجراف وراء تلك الدعوات التي تريد إحداث بلبلة على رسالة الأزهر - حسب وصفهم - ولم يكتف هؤلاء لوأد الفتنة بل سارعوا بنشر فيديوهات لعمرو أديب وهو يشيد بشيخ الأزهر في الفترة الأخيرة ، ورغم هذا لا تزال العاصفة مستمرة بسبب هذا الفيديو.
رد أديب
ومن جانبه حرص عمرو أديب خلال تقديمه حلقة جديدة من برنامج “الحكاية” مساء أمس الإثنين على توضيح حقيقة الفيديو المتداول ، مؤكدًا أن الفيديو قديم منذ 2015 وتم فبركته وإعادة تركيبه على شاشة MBC مصر بصورة ثابتة وغير متحركة ، قائلًا : “الفيديو كان في سياق مرحلة سوداء عاشتها مصر".
ما سر استمرار العاصفة؟
خلال رحلة تتبعنا لأسباب استمرار عاصفة الجدل حول الفيديو وجدنا أن هناك معرفات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة "تويتر" و"فيسبوك" تدار من خارج مصر وتحديدًا من تركيا وقطر وبعض دول أوروبا بتناقل الفيديو وكتابة عبارات تحريضية حوله وصناعة صور و"كوميكس" لإشعال ردود الأفعال.
وأكد مراقبون - تحدثت إليهم "فيتو" - أنه لا يمكن إغفال دور اللجان الإلكترونية التابعة للجماعات المتطرفة والتي تسعى دائمًا لإثارة البلبلة داخل المجتمع المصري وتحاول إظهار أن هناك نوعًا من العداء بين الأزهر الشريف ومؤسسات الدولة.
توقيت متوقع
وبعيدًا عن محتوى فيديو "أديب" الذي أثار الضجة الأخيرة فإن مشيخة الأزهر والإمام الأكبر يتعرضون من آن لآخر لمثل هذا الهجوم وهو ما حدث على مدار السنوات الماضية وبالتحديد بعد حدوث أي عمل إرهابي يستهدف قواتنا المسحلة أو رجال الشرطة أو عند تحقيق الأزهر لنجاح جديد على المستوى الداخلي أو الخارجي هكذا أكد شيخ الأزهر في وقت سابق حينما قال نصًّا: "هناك هجوم مبرمج على الأزهر عقب أي حادثة من حوادث الإرهاب حتى أصبحنا نعرف موعد الهجوم كما يتم مهاجمتنا أيضًا عندما نحقق نجاحات عالمية للتقليل من دور الأزهر".
تفضيل الصمت
لكن ماذا عن رد فعل الأزهر على الفيديو؟.. عدد من علماء ومسئولي الأزهر الذين تحدثت إليهم "فيتو" لمعرفة ما إذا كان هناك رد فعل رسمي سيخرج من المشيخة للرد على تلك الحملات أكدوا أن الأزهر يركز في الوقت الحالي على دوره التنويري والعلمي الذي يقوم به داخل وخارج مصر وأن الأزهر يدرك تمامًا حجم المؤمرات التي تحاك له بين الحين والآخر من أطراف داخلية وخارجية ليس لها هدف سوى التشويش على رسالة الأزهر وتعمل على تشويه صورة المشيخة وشيخها الأكبر الدكتور أحمد الطيب ، مؤكدين أن الأزهر يراهن على فطنة ووعي المجتمع المصري في فهم تلك المؤامرات وأنها لن تنجح في هز الثقة بين الأزهر والمجتمع.
الوسط الإعلامي.
ويرى الخبير الإعلامي الدكتور ياسر عبد العزيز أن الوضع الإعلامي في مصر يعاني من "هشاشة" كبيرة خلال الفترة الحالية ، مشيرًا إلى أنه في عام 2017 تم اعتماد مصطلح الـ"فيك نيوز" باعتباره ممثلًا عن الوضع الإعلامي المصري في كثير من قطاعاته.
وأشار إلى أن الـ"فيك نيوز" مسألة تبدأ من الاختلاف التام وتشمل أيضًا الاجتزاء من السياق بغرض "تحريف" اتجاهات المجتمع والجمهور ، فعلى سبيل المثال لو أن هناك واقعة قديمة حدثت مع أحد المسؤولين في زمن بعيد فيتم إعادة نشر المحتوى من جديد ليعطي انطبًاعًا أن الواقعة حديثة ووقعت في هذه الأيام مثل واقعة الفيديو الذي نتحدث عنه.
وأضاف "عبد العزيز" لـ"فيتو" أن الغرض من ذلك هو إعطاء انطباع مغاير تمامًا للحقيقة يستوجب رد فعل مختلف ، لافتًا إلى أن الاجتزاء من السياق وبث المواد الإعلامية دون الإعلان عن زمن تصويرها أو تسجيلها هو نوع من أنواع الأخبار المزيفة.
وأكد الخبير الإعلامي أن الهشاشة التي يعاني منها الوسط المعلوماتي المصري الحالي تنعكس بشكل كبير على عملية الـ"تزييف" والنزع من السياق وهز درجات الثقة في المؤسسات بجانب الـ"تحشيد" وشحن الرأي العام تجاه قضية معينة وهو ما يعمق وصف الـ"هشاشة" الإعلامية التي نعاني منها.