الموسيقار الكبير يحيى خليل لـ"فيتو": شلة موظفين تتحكم في وزارة الثقافة.. وقررت الاعتزال بعد لقاء "هنو" لهذا السبب
سمير فرج قال لي: "مشكلتك يا يحيى أنك لست موظفًا في وزارة الثقافة ولست تابعًا للقوى العاملة"
الأوبرا عاشت عصرها الذهبي أيام فاروق حسني وناصر الأنصاري
دار الأوبرا تمر باضمحلال إداري واستراتيجي وما يقدم على مسارحها الآن "هجص في هجص وكلام فارغ"
عملت حفلات موسيقية للطلبة بـ2 جنيه واشترينا شريط الليلة يا سمرا بـ 650 جنيها من المنتج
فاجأ الفنان والموسيقار العالمي يحيى خليل جمهوره العريض بالإعلان عن اعتزاله على مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يذكر تفاصيل قراره، والفنان يحيى خليل هو واحد من رواد موسيقى الجاز في المنطقة العربية ومؤسسها في مصر، وقد أدى أدوارًا فنية وثقافية ووطنية عظيمة الأثر على مدار تاريخه الفني الحافل الذي يمتد لأكثر من أربعين عامًا جاب خلالها أكثر من عشرين دولة، وأكثر من مائة مدينة، وشارك في أكثر من خمسة آلاف حفل ومهرجان حول العالم.
ولم يكن يحيى خليل العائد من الولايات المتحدة الأمريكية في الثمانينات سوى طائر مصري يحلم لبلاده بأن تظل قبلة لكل ما هو جديد، وقد فاجأ الجميع بمشروعه الفني الذي أطلقه منذ هذا التاريخ وحتى اليوم، واعتمد الموسيقار العالمي في مشروعه الفني على مزج الهوية الموسيقية المصرية بموسيقى الجاز العالمية التي أصبحت طوفانًا يعبر الحدود إلى كل الأجيال في مختلف دول العالم.
ويحيى خليل الذي عرفه الجمهور ومشواره الطويل في دار الأوبرا المصرية، التي عزف فيها لأول مرة في حفل افتتاحها 1989 برفقة عازف الجاز والترومبيت العالمي ديسي جلاس بي، وعرف شعبيًا من خلال ألحانه التي قدمها مع عدد كبير من الفنانين كمحمد منير، حميد الشاعري، بليغ حمدي، عمر خورشيد، عزت أبو عوف وغيرهم، قرار يحيى خليل المفاجئ للاعتزال يلقي بحجر في بحيرة مياه راكدة تغلف المشهد الثقافي منذ فترة.."فيتو" اقتحمت على الفنان يحيى خليل خلوته في شقته بحي مصر الجديدة، لتلتقي به في حوار خاص وإلى نصه:
أعلنت اعتزالك منذ عدة أيام قائلا: "اتخذت قرار الاعتزال بعد مغادرة مكتب وزير الثقافة لأني اكتشفت أن مفيش فايدة وأن الكلام أصبح مضيعة للوقت".. فما الذي حدث في لقائك بالدكتور أحمد هنو؟
ذهبت للقاء الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة بعد أن علمت بإلغاء حفلاتي من البرنامج الفني مع دار الأوبرا، دون أن يخبروني بالأسباب أو يخطروني بهذا الإلغاء، وفوجئت برد فعل وزير الثقافة، الذي أمسك بسماعة التليفون متصلًا بالدكتورة لمياء زايد رئيسة الأوبرا يقول لها: أنا هنا عندي الأستاذ يحيى خليل... لترد بصفتها: إن القرار الذي أمامها يحدد أن الفنان يحصل على 75% من قيمة الحفل...، ودون أن توضح هي أو الوزير أسباب إلغاء حفلاتي مع الأوبرا.
ثم فوجئت أنه يقول لي: "لو حابب تعمل حفلة أنا ممكن أعملك حفلة في قصر ثقافة الأنفوشي أو أسوان"، مستطردًا في كلام لم أفهم منه شيئا سوى أنه يقدم لي عرضًا وعلي أن أقبله قبل أن يسحبه!! ليفاجئني مرة أخرى ودون مقدمات، بالحديث عن فنانين آخرين في أمور لا تخصني في الأساس ولم أفهم لماذا يطرح عليّ وزير الثقافة موضوعًا لا يمت لمشكلتي بأي صلة من قريب أو بعيد، وهنا شعرت بالإهانة لتاريخي وفني، وأنني أمام إدارة غير واعية لا تعرف أو تقدر قيمة الموسيقى والفنون، واعتذرت له وخرجت من الوزارة وأنا على قناعة أنه لم يعد هناك فائدة وأن الكلام أصبح مضيعة للوقت ولذلك اتخذت قرار الاعتزال.
لماذا اتخذت قرار الاعتزال ومعروف عنك بأنك محارب من الدرجة الأولى؟
قررت الاعتزال لأني تعبت مما يحدث في وزارة الثقافة والأوبرا والبلد، فلقد تحملت كثيرًا جدًا وقدمت كثيرًا جدًا لهذه البلد ولكن دون جدوى، فقد واجهت عقبات كثيرة طوال مشواري ففي الوقت الذي كنت فيه نجمًا أقدم الحفلات على أشهر المسارح الأمريكية، كان القائمون على الأوبرا يرفضون التعاقد معي بشكل رسمي، لأني لست تابعًا للقوى العاملة، فقال لي اللواء سمير فرج وكان رئيسًا للأوبرا آنذاك "مشكلتك يا يحيى أنك لست موظفًا في وزارة الثقافة ولست تابعًا للقوى العاملة".. ولم يهمني وحاربت من أجل تحقيق حلمي في نشر موسيقى الجاز بالفكر المصري.
وصحيح أنه يحزنني أن أكون بعيدًا عن جمهوري الذي ربيته على مدار عشرات السنين وطوال عمري، ولهم حق عليّ في إسعادهم وإمتاعهم، ولكن مع استمرار الإصرار على وضع العقبات أمامي ومنعي من تقديم فني، فهنا أصبحت لا أملك شيئًا لأفعله سوى الانسحاب.
هل يشعر يحيى خليل بأنه يتعرض للاستبعاد من المشهد الثقافي والفني أم أن المرحلة الحالية ليست لموسيقى الجاز؟
نعم أشعر بالاستبعاد أنا وعدد من الفنانين، وتفسيري لذلك هو عدم وجود استراتيجية واضحة لإدارة المشهد الثقافي والفني من جانب الوزارة، واضمحلال وتردي الأوضاع في دار الأوبرا المصرية، أما بخصوص "الجاز" فالموسيقى في حياة الشعوب ليست مراحل وقتية تنتهي بتقدم الزمن، فهي جزء أساسي من أسلوب حياة الناس وتشكل ثقافاتهم، ويحيى خليل قدم موسيقى الجاز وغير موسيقى الجاز، وجاهدت للارتقاء بالجمهور المصري على مدى عشرات السنين من خلال هذه الموسيقى الراقية -موسيقى الإنسان المعاصر- فالجاز أشهر موسيقى على وجه الأرض الآن.
فوضعت البصمة المصرية على هذه الموسيقى، من خلال المزج بين الموسيقى المصرية التقليدية وموسيقى الجاز العالمية، وهذا الاتجاه لاقى نجاحًا كبيرًا سواء داخل مصر أو خارجها وكان هو المفتاح لقلوب ملايين الجماهير حول العالم وكان بوابتي للعالمية، حيث قدمت حفلاتي في جميع دول العالم ومنها إيطاليا، اليونان، النمسا، روسيا، بلغاريا، صربيا، جنوب أفريقيا، المغرب، تونس وغيرها.
معروف أن دار الأوبرا المصرية، هي إحدى المنارات الفنية والثقافية في محيطها الإقليمي والعالمي.. فكيف ترى دورها الآن وهل المشهد الموسيقي يعبر عن الريادة المصرية كالسابق؟
بكل أسف، دار الأوبرا المصرية ليست كما عهدناها في السابق فكل ما يحدث بها من تردٍ في الإدارة وتراجع في برامجها غير مسبوق على مدار تاريخها فأصبحت "هجص في هجص وكلام فاضي"، بالإضافة إلى إدارتها من خلال حفنة من الموظفين وغياب القادة والمتخصصين جعلها تفقد ريادتها وقوتها الناعمة المؤثرة إقليميًا ودوليًا، خصوصًا مع حالة التنافس الفني بعد ظهور عدد من المهرجانات الفنية العربية.
فأنا عشت أيام العصر الذهبي للثقافة والفن المصري، وذلك عندما كان الفنان فاروق حسني وزير الثقافة والدكتور ناصر الأنصاري رئيسًا لدار الأوبرا، الذي عرفناه قويًا صارمًا "والأوبرا في عهده كانت ماشية زي السيف" ولم نعرف الفشل الإداري إلا بعد رحيله عنها، أيضًا فاروق حسني هو من أنشأ مركز الإبداع وأقام مهرجان القلعة للموسيقى والغناء وغيره من المشروعات التي ما زالت الوزارة قائمة عليها.
وأتذكر في يوم من الأيام ذهبت لناصر الأنصاري وقلت له “أنا عايز أعمل حفلات في إسكندرية”، وكان في ذلك الوقت ما أقدمه من حفلات في القاهرة كانت مكسرة الدنيا ويحضرها الآلاف، وكنت أعمل سعر الحفلة بـ 2 جنيه للطالب حتى يصل هذا الفن للجميع.
وقال لي معندناش مسرح في إسكندرية فلم يكن لدينا مسرح سيد درويش ولم تنشأ مكتبة الإسكندرية بعد، وقلت له: أنا سمعت عن مسرح تابع لوزارة التعليم العالي اسمه قاعة المؤتمرات وقالوا لو جبت جواب من الأوبرا ممكن تعمل عليه حفلات، وبالفعل حصلت على الجواب وأقمنا الحفلات وكانت الحفلات ناجحة جدًا وترفع شعار الـ sold out، وكنت سعيدا جدًا بنشر هذا الفن الراقي وأساهم في نشر تلك النهضة بين الناس من خلال الموسيقى
ذكرت بأنه كان لديك مشروع لنشر موسيقى الجاز ومنعت من تقديمه.. فما هو المشروع وماذا حدث؟
منذ زمن وأنا أحلم بإقامة مهرجان للجاز يحمل البصمة المصرية، ويكون تحت مظلة وزارة الثقافة من خلال دار الأوبرا، بسبب أن الفكرة تتم سرقتها وتشويهها، وعندما تحدثت مع أحمد هنو وزير الثقافة الحالي أثناء لقائنا عن الفكرة، لم يقل شيئًا ولم يحاول مناقشتها أو معرفة من هو يحيى خليل وما هو تاريخه الفني وما الذي يقدمه، وشعرت بأننا مازلنا تنقصنا الإرادة، والوعي بقيمة هذا الفن وأهميته.
وأنا أعتز كثيرًا بالأوبرا، لكني أعلنتها مرارًا أن لدي أمنية أن أجوب بموسيقى الجاز قرى ونجوع مصر، وأقدم جولات موسيقية في كل محافظات الجمهورية هدفها الحقيقي هو الوصول إلى عشاق هذا الفن، وصناعة أجيال جديدة منهم، وليس هدفها التقاط الصور، والترويج لنجاحات وهمية، ومع ذلك لم يلق ندائي أي صدى لدى المسئولين عن الثقافة خلال السنوات الماضية، فهناك رغبة في تحجيم دوري، والتضييق عليّ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فهل يستطيع أحد أن يجيبني لماذا لا تتم دعوتي للمشاركة في حفلات مهرجان الموسيقى العربية ومهرجان القلعة الذي كنت أحد مؤسسيه؟!!
كنت وضعت دراسة عن "المزاج العام" لمعظم شباب مصر في الثمانينات، فهل اختلف الآن وما هي أوجه هذا الاختلاف؟
لا لم يتغير، ما يحدث في المزاج الموسيقي والفني هو عملية فرض نوع معين من الموسيقى والأغاني ونشرها في كل الوسائط المسموعة والمرئية، فالجمهور يُحاصر بأغان مثلًا لحسن كفته وغيره، وهذه عملية فرض على الذوق العام إلى أن يعتادها، فلما جئت من أمريكا في أوائل الثمانينيات وقدمت أعمالي وكانت وقتها جديدة، فالناس لم تكن تسمع المزيكا بهذا الشكل ولكنها أحبتها وتفاعلت معها.
بالعودة للذكريات، شاركت في حفل افتتاح دار الأوبرا المصرية الجديدة 1989، حدثنا عن هذا اليوم؟
هذا اليوم شاركت الفنان ديسي جلاس بي أعظم عازف ترومبيت وجاز في العالم، وكلمني قبل الحفل وقال لي إنه سيأتي إلى مصر وطلب مني أن ألعب معه في الحفل، وكان حفلًا رائعًا، وبعدها قررت أن أقدم حفلاتي في الأوبرا والإسكندرية لنشر فن الجاز العالمي، وحرصت دائمًا على استضافة فنانين من أمريكا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا، من منطلق أن الجاز لغة عالمية لا تعترف بالجنسيات، ولنشر هذا الفن الراقي في مصر.
دائمًا ما يوصف الملحن الراحل بليغ حمدي بـ"الجنون والمغامرة".. فهل تجد تشابها بينكما؟
بليغ حمدي كان من أصدقائي المقربين جدًا، وعندما عدت للقاهرة من أمريكا كنت بدأت أفكر في عمل أغاني عربي، وكان وقتها شريط "شبابيك" لمحمد منير وكان نزل وكسر الدنيا، وبليغ قال لي سمعت الأغنية قبل كدة وكان غناها محمد الحلو، بس أنا عملتها بطريقة تانية وطلبت منه أن يسمعها ووقتها طار بالفكرة وبالموسيقى.
وأغنية الليلة يا سمرا، كان مغنيها في الأساس محمد حمام وكانت مسجلة على شريط له، وأنا قلت أنا عايز الأغنية ووقتها أحمد منيب قال إن حمام واخدها ونازلة في شريط كاسيت وذهبنا لشركة إنتاجها في ممر الكونتيننتال وحصلنا الشريط كامل بـ650 جنيها، بعد خلاف بين المنتج وحمام.
بصفتك صانع النجوم، فما أسباب ضعف الأغنية واللحن المصري الآن؟
الأغنية واللحن تراجعا بسبب أن الهدف الآن هو جمع المال فقط، وغابت الفكرة الإبداعية التي تحفر لنفسها مكانًا في التاريخ، فعندما عدت من أمريكا في نهاية السبعينيات كانت الأجواء جيدة، ومشجعة، الآن الأمر اختلف، الفنان الآن يرفض المغامرة، والفن يحتاج إلى الفنان المغامر، وكانوا يتوقعون فشلي، لأني قررت التغيير، وكانت لدي رغبة في أن أفرض وجهة نظري ونجحت والحمد لله، في الشكل الموسيقي، وشكل المطرب الكاجوال، وأتذكر أنني اختلفت مع الموسيقار الكبير كمال الطويل قبل أن نصبح أصدقاء، لأنه كان يرى أن المطرب هو كل شيء، وكانت وجهة نظري أن المطرب جزء من الحكاية مثل أي آلة موسيقية، له دور محدد، ونجحت التجربة.
أخيرًا تستعد لإطلاق مذكراتك.. فما الذي سيكشفه يحيى خليل، وهل ستعيد أزمة الخلاف بينك وبين محمد منير؟
ما حدث بيني وبين محمد منير من أكثر من 40 عامًا، والجميع يختلفون مع بعضهم في العالم أجمع، بالعكس قدمنا أعمالا متميزة نالت إعجاب الجمهور وحققت نجاحات كبيرة خلال فترة معينة، حيث كنا نقيم الحفلات في الجامعات ويحضرها الآلاف من الطلبة والطالبات.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا