المقدم رفعت يونس بطل حربى الاستنزاف وأكتوبر: دخلنا موسوعة القوات الجوية في سرعة ملء خزانات وقود الطائرات .. والأسطول الجوي تم تحديثه بعد 67 ( حوار )

الضربة الجوية الأولى وتأثيرها على مجريات حرب أكتوبر كانت مذهلة وخاطفة قضت على معظم دفاعات العدو الارضية ومخازن الوقود.

ولم يكتف أبطال القوات الجوية بهذه الضربة ولكنهم واصلوا العمل ليل نهار مع باقي قوات المشاة لنقل عناصر الصاعقة والمظلات والمؤن والأسلحة والاحتياطيات للكتائب والألوية، وما لا يعرفه إلا المختصون ، كيف كانت تعود الطائرة ثم تقلع خلال دقائق قليلة ، وكيف كسر الطيارون المصريون توقيتات الزمن في الطلعات الجوية بسرعة متناهية؟.

هذا ما يجيب عنه أحد فنيى القوات الجوية الذين ساهموا بدور لا يقل عن دور الطيارين وهو المقدم فني محمد رفعت يونس.  وإلى نص الحوار:

*ماذكرياتك عن حرب الاستنزاف؟

تخرجت عام 69 من دفعة 7 تدريب مهني 69 وبعد تخرجي التحقت للعمل بمطار انشاص  وكان معنا طيارون عظام ومنهم  الطيار البطل أحمد عاطف أول طيار أسقط الفانتوم "إف 4" خلال مناورة جوية ويشاء القدر أن يكون أول قائد لها عقب حرب أكتوبر عندما أعطتها لنا أمريكا بعد الحرب بسنوات.

وقبل الحرب بثلاث سنوات كانت هذه المدة من أعظم أيام القتال ، فكانت هناك بطولات كثيرة للقوات الجوية وكنت تخصص هيكل ومحرك الطائرة الميج 21 وأول ما تنزل الطائرة على الأرض أقوم بفحصها سريعا وتموينها قبل أن تقلع ثانية وكان من ضمن الطيارين العظماء الذين عملت على طائراتهم البطل ضياء الحفناوي الذي أسقط 3 طائرات في أكتوبر وحده وايضا البطل حسين ثابت.

  *قواتنا الجوية سبقت الإسرائيلية في مميزات كثيرة ، من خلال خبرتك ماهى هذه المميزات؟

أول ميزة :هي أن  الطيار المصري لا يوجد مثله في العالم فهو عبقري وهذا ما رأيناه بأعيننا فبعد نكسة يونيو 67 تم تحديث الأسطول الجوي المصري بطائرات جديدة.

وكانت سرعة استيعاب الطيارين لها يفوق الخيال بمهارة وكفاءة كبيرة حتي الروس أنفسهم الذين صنعوا هذه الطائرات لم يستطيعوا الطيران بها مثل طيارينا وهناك أمثلة كثيرة مثل اللواء نبيل شكري الذي طار على ممر اقل من 800 متر ، فقد ضربت إسرائيل الممرات في المطارات قبل الطائرات حتى يصبح طيارونا عاجزين.

ولكنهم لم يستطيعوا قتل الطيارين الذين يملكون عقولا توازي ثقلها بالذهب وأيضا اللواء سمير عزيز اسطورة الميج 21 الذي انحنى له الخبير الروسي ليعلمه كيف ينخفض بها حتى كان يراها سكان محافظات القناة وكأنها سيارة تمشي على الإسفلت الميزة الثانية: دقة ضرب الأهداف فالطيار الإسرائيلي إذا وجد هدفا يضربه ويلقي عليه كمية كبيرة من الذخيرة خوفا من عدم استهدافها جيدا.

ولكن الطيار المصري يعلم جيدا قيمة الذخيرة التي معه ولا يضرب طلقة واحدة أو صاروخا إلا إذا كانت الإصابة 100%.

الميزة الثالثة: أن الطيار المصري لديه هدف محدد مؤمن به وهو تحرير أرضه من مغتصب أخذها في لمحة من الوقت ولا يريدها أن تبقى معه كثيرا ويقاتل ويستشهد من أجل استرجاعها أما اليهود فهم شعب مغتصب يحب النعمة التي في يد غيره ويأخذها وطياروه أغلبهم مرتزقة يدفعون لهم للقيام بالعمليات العسكرية.

*كيف تفوقت القوات الجوية المصرية في حرب أكتوبر على الذراع الطولى لإسرائيل؟

في حرب أكتوبر وضع اللواء محمد حسني مبارك قائد القوات الجوية خطة للطيارين حول كيفية الدخول لسيناء والتعامل مع الهدف والعودة من المهمة بسلام.

وكانت الأسراب تنفذ الخطة بحذافيرها وكان هناك تنسيق مع قوات الدفاع الجوي ، كانت منظومة تنفذها كل أفرع القوات المسلحة الكل يساعد بعضه وله مهمة محددة للقيام بها أما نحن كفنيين فقد كانت مهمتنا شاقة في سرعة تموين الطائرات وتجهيزها في وقت قياسي وقد سجلنا ذلك في الموسوعات العالمية فاختصرنا الوقت الذي يبلغ عند الأمريكان والإسرائيلين ما بين 7 و 8 دقائق إلى 5 دقائق وهذا الوقت كان معجزة في سرعة عودة الطائرات للقتال في وقت تاريخي.

*اين كنت يوم 6 أكتوبر وكيف تابعت ملحمة العبور؟

قبل الحرب بأيام تم تقسيم السرب 25 الذي كنت معه إلى جزئين جزء ذهب إلى الغردقة والجزء الآخر إلى الأقصر وكان قائد اللواء وقتها اللواء نبيل شكري والسرب بقيادة العقيد علاء شاكر.

ويوم 5 أكتوبر وكنا في مشروع تعبوي على مستوي الجيش كله في إطار خطة الخداع الإستراتيجي قال العقيد علاء للطيارين بكرة عندي لكم مفاجأة وحاول الكل معرفتها ولكنه قال متستعجلوش فشعرنا ببصيص أمل إما انتهاء المشروع أو عبور القناة والثأر لتحقيق النصر.

وفعلا بدأ تلقين الطيارين واجتاحت عاصفة السماء الجوية أرض شرق القناة في براعة تضرب أهدافها يمينا وشمالا وتحولت سيناء إلى كتلة من اللهب تحت أقدام العدو وهتاف الله أكبر يلهب حماس الطيارين والضباط والجنود على الأض فاقتحموا الساتر الترابي بمعاونة الخالق الذي يعلم جيدا أن المصريين لا يحاربون من أجل اغتصاب أرض الغير ولكنهم يجاهدون في سبيل الله ضد محتل اغتصب أرضهم وقتل الأخضر واليابس في سيناء.

أما أنا كان دوري سرعة ملء الطائرات بالوقود فكنت أشعر أن أي لحظة أتأخر فيها ممكن يقتل فيها أحد إخوتي فقد كان لي على جبهة القتال 3 أشقاء غيري أحمد في الخدمات الطبية بمستشفي الروبيكي وجدي والسيد في الدفاع الجوي بالإسماعيلية والحمد لله أديت مهمتي حتي نهاية الحرب وخرج أشقائي من الخدمة ودخل بعدهم 4 لأننا كنا 8 أولاد لأب واحد.. ما أعظم الخدمة في أرض بلدي والدفاع عنها بالروح والدم.

وقد تدرجت في المناصب حتى خرجت برتبة مقدم وأنا راضٍ عن كل يوم أديت فيه الخدمة ولو عاد بي الزمان سأفعل مافعلته ألف مرة.  

نقلًا عن العدد الورقي...،