رئيس التحرير
عصام كامل

حروب الفيروسات.. د. طارق فهمي: الأمن الإنساني سوف يحتل أولوية قصوى.. وملف "الصحة " الرابح الأكبر بعد انتهاء أزمة كورونا  

الدكتور طارق فهمي
الدكتور طارق فهمي

«السقوط أم عبور الأزمة بأقل الخسائر».. معادلة صعبة وجدت غالبية الأنظمة الحاكمة في العالم نفسها مؤخرًا هناك من استطاع أن يعبر الأزمة – إلى حد ما – مسجلًا خسائر من الممكن تعويضها خلال الفترة المقبلة وهناك من كان سقوطه مدويًا وغير متوقع في الوقت ذاته وهو سقوط أرجعه البعض إلى التقليل من حدة الفيروس الغامض الذي أطل على العالم من نافذة الصين في نهاية العام الماضى.

ترامب

في هذا السياق يرى المحلل الأمريكي أودري ويلسون في تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية أنه وسط انتشار هذا الوباء واجه الرئيس دونالد ترامب وقادة آخرون في العالم انتقادات لاستجابتهم البطيئة وغير الفعالة منذ أن أصبح واضحًا أن الفيروس لن يتم احتواؤه في الصين منذ بدايته في أواخر ديسمبر من العام الماضي رغم أنه هناك دولا أخرى مثل تايوان وسنغافورة وكوريا الجنوبية حققت نجاحًا نسبيًا.

وتمكنت من تجنب السيناريوهات الأكثر سوءا بإجراءاتها وطرقها المتبعة في المكافحة ، وهو ما اتضح في تراجع أعداد الوفيات والإصابات القليلة المسجلة في هذه البلدان.

الوفيات 

تزايد معدلات الإصابة والوفيات دفع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ، هنرى كسينجر للخروج والحديث عن الفيروس حيث أكد أن الظرف الاستثنائى الذى يمر به العالم يمكن أن يتسبب في هلاك اقتصادي لأجيال ، مطالبا الولايات المتحدة بحماية النظام العالمي الليبرالي ، ومشيرا في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إلى تغييرا جذريا سوف يحتاج النظام العالمي للأبد.

كارثة كورونا

«كيسنجر» أوضح أيضا أن «الأضرار التي سببتها الكارثة الأخيرة قد تكون مؤقتة إلا أن الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أطلقتها قد تستمر لأجيال عديدة» لافتا إلى أن الجهود المبذولة للمواجهة والمكافحة ، ينبغي ألا تشغل قادة العالم عن مهمة أخرى ملحة تتمثل في إطلاق مشروع موازٍ للانتقال إلى نظام ما بعد زوال الفيروس.

وحث الوزير الأشهر في الدبلوماسية الأمريكية إدارة الرئيس دونالد ترامب على التركيز على ثلاثة مجالات رئيسية لمواجهة تداعيات الوباء محليا وعالميا ، أولها: تعزيز قدرة العالم على مقاومة الأمراض المعدية ، وذلك من خلال تطوير البحث العلمي ، أما المجال الثاني فهو السعي الحثيث لمعالجة الأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي جراء تفشي الوباء والتي لم يسبق أن شهدت البشرية مثيلا لها من حيث السرعة وسعة النطاق، كما حث الإدارة الأمريكية على حماية مبادئ النظام العالمي الليبرالي بصفتها المجال الثالث الذي ينبغي التركيز عليه.

العالم بعد كورونا

من ناحية أخرى تحدث الدكتور طارق فهمي ، أستاذ العلاقات الدولية عن مستقبل النظام العالمى الجديد، متوقعًا: العديد من الدول سوف تضع ملف الأمن الإنساني على رأس أولوياتها من خلال دعم ميزانية البحث العلمي وربما تتقدم على ميزانيات الدعم العسكري والتكنولوجي خاصة مع الحديث عن أن الحروب القادمة ستكون دون إطلاق الرصاص بل ستحل محلها حرب الفيروسات وانتشار الأويئة ، وهو ما سيتولد عنه ما يسمي بـ «الإرهاب غير الكامن» من خلال انتشار الفيروسات مما يؤكد أن هناك تهدديات غير مسبوقة في العالم.

الصحة والتعليم

وهذا سيدعو الحكومات للعمل على ملف الصحة أكثر من التعليم ، كما أن منظومات البحث العلمي ستكون لها اليد العليا في العالم كونها الجهة القادرة على إنتاج الأدوية واللقاحات للأمراض والأوبئة في إطار حرب الجرثومات ، أي إنها ستكون خط الدفاع الأول في مواجهة انتشار أي من الفيروسات القاتلة في المستقبل.

وتابع: من المرجح السيطرة على الأزمة الحالية في القريب العاجل ، وبعدها ، ستظهر دول اتبعت إستراتيجيات ونظريات ناجحة مثل كوريا الجنوبية وتايوان في سرعة السيطرة على الوباء ، وهناك دول أخرى تفشي بداخلها الوباء بسبب تأخر اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا.

غير إنه ليس معني أن الدول التي استطاعت السيطرة على المرض أنها ستكون صاحبة الكلمة العليا في المنظومة الطبية العالمية أو سيتم تغيير تصنيفها ، خاصة أنه حتى الآن لم يتم الكشف عن طريقة تصدي الصين لهذا المرض والسيطرة عليه ، والولايات المتحدة الأمريية ستظل رغم انتشار الفيروس بداخلها على رأس المنظومة الطبية في العالم لما يزيد على 120 عاما قادمة بما تملكه من إمكانيات ورغم أن الصين تنافسها داخل هذا الملف إلا أنها غير قادرة على إزاحتها من هذه المرتبة.

الجريدة الرسمية