لا كهنوت في الإسلام ولكن..
كثر الحديث هذه الأيام حول المؤسسات الدينية في وطننا العربي، وزاد الغمز واللمز حولها، خصوصا بعدما صرح أحد أساتذة الفلسفة الإسلامية مؤخرا بأنه لا كهنوت في الإسلام، وأن دولة رجال الدين غير موجودة في الشريعة الإسلامية، وأفتى بأن الصيام والجماع ممنوعان في زمن الوباء..
وكلها أمور حقيقية أو هكذا تبدو، وهي دعاوى حق يراد بها باطل، وسأفند هذا الكلام إن لم يكن نقلا فبالعقل الذي نحتكم إليه جميعا أو إن شئنا الدقة ندعو إلي الاحتكام إليه.
أولا بالنسبة لدعاوى أنه لا كهنوت في الإسلام، ولا وجود لرجال الدين فيه نقول إن هذه حقيقة لا جدال ولا شك فيها، فليس لرجال الدين في الإسلام تسلط علي العباد، بل هم دعاة إلي الله بالحكمة والموعظة، ولكن هذا ليس معناه أنه لا وجود لهم، فالله سبحانه وتعالي قال في محكم التنزيل "وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)"(التوبة)..
اقرأ ايضا: أردوغان وخصومه
وللعلماء في هذه الآية آراء ينبغي مراجعتها أو على الأقل الاطلاع عليها، كما أن رسولنا الكريم قال "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"، وكلها أمور موجودة ومعترف بها من قديم الأزل قبل وجود المؤسسات التي أخذت هذه الاختصاصات، وصارت لها هيئاتها المعتبرة التي لابد للناس من اللجوء إليها، وهدمها والتشكيك فيها يدعو إلى زعزعة ثقتهم بها ونفورهم منها، وجميعنا يعلم أن الدليل القانوني إذا تطرق إليه الشك بطل التعويل عليه.
ثانيا: إذا كانت كل مناهج وطرق العلم الحديثة حاليا تدعو إلي التخصص في العلوم، فلماذا يأتي الآن البعض ليهدم هذا الأمر ويفتي فيما هو ليس أهلا له، وإذا كنا نعيب على العامة الحديث في أمور تخص أهل العلم فلماذا يخرج علينا البعض ويفرض نفسه وصيا على الناس ويدعو إلى هدم المؤسسات أو وأدها.
اقرأ ايضا: أنا مش متنمر!
ثالثا : قال أستاذ الفلسفة الإسلامية إن الأطباء "قالوا إنه فى زمن الوباء وفساد الهواء لا بد أن يتناول الشخص الطعام الخفيف الذى لا يجهد المعدة بالهضم حتى لا تنشغل المناعة بمواجهة الجراثيم.. الأطباء المسلمون قالوا بلاش صوم فى رمضان".. فمن أين أتى أستاذ الفلسفة الإسلامية بهذه الفتوى التي يتحمل وحده وزرها وهذا رأيه..
فقد أفتى الأطباء ليس العرب وحدهم بل في سائر بقاع الأرض بأنه لا علاقة بين الصيام والإصابة بالوباء، أو بين الوباء وفساد الهواء إذ إنه حتى الآن لم يثبث أن الوباء الذي نحن فيه يتطاير في الهواء أو يخرج على الناس ليغتالهم كما يفعل البعض، بل إن المجامع الطبية والأطباء كشفوا منذ القدم الفوائد العديدة للصيام، وأنه تربية للروح والبدن، فكيف يثبت الأطباء ذلك بينما يبطله المتفيهقون؟!