رئيس التحرير
عصام كامل

كشف البلاء (3)

قد يشغل الإنسان نفسه في زمن البلاء بما لا ينفعه من التفكير في علل بعيدة لا يدركها عقله ، ولا يهتدي إليها تفكيره، والأولى للعاقل والأجدر أن يشغل نفسه بما يجب عليه، وقد صرَّحت آيات القرآن الكريم وأحاديثُ النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بهذا الواجب، وبما يكشف الكرب، ويزيل الهم، ويقضي على البلاء، ويعجِّل بالفرج، ومن ذلك:

 

(3) الصَّلاة والسَّلام على سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:

جاء الأمر بالصَّلاة والسَّلام عليه صريحا في كتاب الله -عز وجل-، كما في قوله -سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56] وقد استجاب أصحاب النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لهذا الأمر الإلهيِّ، فسألوا النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن كيفية الصَّلاة عليه، فأجابهم -عليه الصَّلاة والسَّلام- بأجوبة كثيرة بيَّن فيها صيغ الصَّلاة والسَّلام عليه.

 

اقرأ أيضا: شيخ الأزهر يجوب العالم لترسيخ السلام

 

ومنها: قول بشير بن سعد -رضي الله عنه- للنَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: قد أَمَرَنا الله أن نصلِّي عليك، فكيف نصلِّي عليك؟ فقال -عليه الصَّلاة والسَّلام: «قولوا: اللهمَّ صلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد كما صلَّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمَّد وعلى آل محمَّد كما باركت على آل إبراهيم».

 

وكان الصَّحابة يعدُّون تعليم الصَّلاة والسَّلام عليه –صلَّى الله عليه وسلَّم- هديَّة يقدِّمها أحدهم للآخر؛ فعن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقلت له: ألا أهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فقلنا: قد عرفنا كيف نسلِّم عليك فكيف نصلِّي عليك؟ قال: «قولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللهم بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».

 

إنَّ الصَّلاة على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- من القربات النَّافعة، والعبادات العظيمة الَّتي يُرجى ثوابُها وأجرُها. فمن فضائل الصَّلاة على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- أنَّها سببٌ لكفاية الهموم، وتفريج الكروب، وانشراح الصُّدور..

 

اقرأ أيضا: الإيمان والمواطنة يحققان التوازن والعدل بين الجميع

 

فعن أبيِّ بن كعب -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله، إنِّي أكثر الصَّلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ أي كم أجعل لك من دعائي صلاةً عليك، فقال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما شئت»، قلت: الربع؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: النصف، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: فالثلثين؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ [أي اجعل دعائي كلَّه صلاةً وسلامًا عليك]، فقال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إذا تكفى همّك، ويكفر لك ذنبك».

 

ومن فضائل الصَّلاة والسَّلام على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّها سببٌ لرفع الدَّرجات، ومحو السيَّئات، فعن أبي طلحة الأنصاريِّ -رضي الله عنه- قال: أصبح رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يوما طيِّب النَّفس، يُرى في وجهه البشر، قالوا: يا رسول الله، أصبحتَ اليوم طيِّب النَّفس، يُرى في وجهك البشر، قال: «أجل، أتاني آتٍ من ربِّي -عزَّ وجلَّ-، فقال: من صلَّى عليك من أمَّتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وردَّ عليه مثلها» [مسند أحمد]

وفضائلها كثيرة، يُرجع إليها في الكتب الَّتي فصَّلت ذلك، لا سيما إذا اكتملت شروطها.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمَّد صلاة تنحلُّ بها العقدُ، وتنفرجُ بها الكربُ، وتقضى بها الحوائجُ، وتنال بها الرَّغائب، وحسنُ الخواتيم.

 

الجريدة الرسمية