المنافقون يُنطقون الحجر "يا مصرى ورائى إخوانجى"
قبل أن تأسف على حظك ووطنك، فى حضور رئيس على غير المستوى المأمول، بعد ثورة قدم أصحابها دماءهم ثمناً لشعاراتها وأهدافها، عليك أن تخجل من نفسك حينما سمحت لأمثال حواريه بالوقوف إلى جوارك يوماً زاعمين أنهم ثوار، قبل أن ينتقلوا إلى مرحلة "الاشتغالة" التى بدأتها الجماعة مع المصريين، ويكملون مهمتهم فى خدمة مخططها.
ولأن 30 يونيو المُقبل دون تراجع، سبّب لهم إسهالاً فى التصريح بالعنف والقمع وإمساكاً عن نُصح واليهم ووليهم بما ينبغى أن يكون عليه من مسئولية مقدرة، جاءت حساباته وإياهم مختلفة عن السياق ومتخلفة عن معطيات التاريخ، وحضرت تنازلاتهم عن كرامتهم وشرفهم فى حماية عصابات الإرهاب الجاهزة كحائط صد أول عن جماعة الحكم، فيما عبرت كلماته إلى آذانهم متجاوزة ما يكررونه كالببغاوات عن الحقوق والحريات المصونة بحكم المتاجرين بالدين.
هؤلاء الذين يدعونك إلى الاحتكام للصندوق واحترام نتيجته بعد معركة "عصر الليمون"، والتهديد بحرق مصر حال خسارة واليهم ووليهم، تجاوزت مصالحهم القبول بالانضمام إلى "أهله وعشيرته" إلى القبول بالقفز على مُنجَز مصون بثورة جيش وشعب على من استهدف أرضه وثرواته قبل عقود وقرون، معتبراً أصحابها تركة تخضع له بالتبعية وتستكين بالترضية.
وبما أنك انتخبت رئيساً إخوانياً من بين 13 مصرياً تنافسوا على المنصب المأسوف على أداء صاحبه وجماعته، فلا عجب حينما تستمع إلى عبارة "يا أهل مصر" من رجل بدت تصرفاته وسياسات حكومته وسلوكيات عشيرته غريبة على أهل المحروسة.
ولأن العبارة المخالفة لواقع ما بعد الاستعمار الأجنبى، لا تتردد إلا على لسانه ومرشده، فلا مجال لفهم منطوقها خارج أبجديات "الغزاة" الذين توالت حملاتهم على البلاد خلال مراحل التاريخ القديم والوسيط والحديث، ومعها يُسند المنافقون مقصدها إلى رواية تنسب لابن العاص عن مصر "أرضها الذهب ونساؤها لعب ورجالها مع من غلب"، وهى سبيلهم للتعامل مع الشخصية المصرية على اختلاف وتطور نمط سلوكها وتفكيرها.
ولما كانت "الاشتغالة" الكبرى لحواريه أكثر تطبيقاً وإعمالاً للمقولة المنسوبة لابن العاص والحجاج بن يوسف فى مصادر أخرى، حضرت خطة الحمقى فى مواجهة "تمرد" المصريين خلال شهر الحسم:
"نثير أزمة السد ونشهر أسرارها لشغل الناس بعدو خارجى، نراقص مشاعرهم مع وزير يُكفر الفن والباليه، نرسل مُغيرُنا ضحية لافتعال انتقام نحدد موعده، نترك الميكروفون لعبد الماجد مهدداً قبط مصر ومخوناً أبناءها ومتوعداً المعترضين على واليها، نكيل الاتهامات للثوار بالعمالة والخيانة على ألسنة الناقد الكاذب، نعيد حدوتة حشيش التحرير وبغاء خيام الاعتصام إلى الأذهان، ثم نترك أغواتنا يسنون أقلامهم ضد الثوار واصفين إياهم بالمتحالفين مع شفيق وفلوله ضد الشرعية، وأخيراً نطلق ابن الأمريكية لتهديد جيش مصر حال تدخله لحماية أهلها، قبل أن نستدعى بأنفسنا رجالنا أهل الحماس وحماتنا الأفغان للتدخل وإراقة الدماء حال فقداننا السيطرة على البلاد".
ومقولة "أهل مصر" التى مرت على مسامع كثيرين دون مراجعة، لم تسترع انتباه حقوقيين أو مفكرين كثيراً بما تحمله من نبرة استعلاء تسلب المُخَاطَبين حقوقهم فى الوطن، ولأنها ضٌبطَت فى سياق خطاب الوعيد حال فقدان الصبر الإخوانجى، بات اختبار المصريين التاريخى مع كرامتهم على الأبواب، ولم يعد أمام الشعب سوى استكمال ثورته بمزيد من التضحيات.
أخشى أن تتحول مؤامرات الجماعة إلى معركة مفتوحة بلا قيد، تخرج خلالها شحنات الفتاوى الشيطانية لتستحل دماء المصريين، وقتها سيبتكر الضحايا وأهلهم تحريفاً لحديث شريف، وتحضر ترجمته واقعاً يُرَد به على الجماعة، "فيقول الحجر والشجر: يا مصرى هذا إخوانجى ورائى تعال فاقتله"، ويكون حواريو الوالى فى مقدمة المرحلين إلى الآخرة.. غير مأسوف عليهم.