رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين التوريث والتمكين (2)


استكمالا لنقاط التشابه بين مشروعي التوريث في عهد مبارك، والتمكين في عهد مرسي، والتي تم استعراضها من خلال المقال السابق نجد أن أهم نقاط التشابه والتي توضح وبصورة كبيرة مدي التشابه بين سياسات النظامين، تتعلق بالوسائل التي لجأ إليها كلا منهما لتنفيذ مشروعه.


ففيما يتعلق بالوسائل التي لجأ إليها مبارك لمحاولة تنفيذ مشروعه، نجد أنها تمثلت في ثلاث وسائل رئيسية، تتعلق الأولي بالدستور، حيث لجأ إلي تعديله بما يجعل شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لا تتوافر إلا في مرشح الحزب الوطني فقط، أما ثاني هذه الوسائل فتمثل في تلميع نجله وتعمد ظهوره علي المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي بصورة مستمرة، وثالث هذه الوسائل فيتعلق بقمع المعارضة وتكميم أفواهها، لتفويت الفرصة علي أي محاولة للتغيير.

أما بالنسبة للوسائل التي يستخدمها مرسي لتنفيذ مشروعه، فهي تنحصر تقريبا في نفس الوسائل التي استخدمها مبارك، من خلال إصدار دستور أعطي لمجلس الشوري صاحب الأغلبية الإسلامية والذي انتخبه 7% فقط من الشعب سلطة التشريع كاملة، وقيامه بمناقشة وسن قوانين مصيرية، تصب جميعها في مصلحة الجماعة.

كما لجأ مرسي أيضا إلي تقريب جماعته من دائرة الحكم، من خلال تعيينهم وإعطائهم المناصب السيادية في الدولة، فنجد علي سبيل المثال معظم الحقائب الوزارية السيادية تم منحها لأعضاء الحرية والعدالة، وحتي الحقائب الأخري غير السيادية تم تخويلها للموالين للجماعة، وكل هذا مقابل إقصاء العديد من الرموز الوطنية صاحبة الكفاءة، من أجل استجلاب الرموز الإخوانية صاحبة الثقة.

وأخيرا وليس آخرا لم ينس مرسي اللجوء إلي أهم وسيلة استخدمها مبارك في محاولته لتنفيذ مخطط التوريث، وهي قمع المعارضة، فقد نجح مرسي وبجدارة في استكمال مسيرة مبارك من خلال تسببه في مقتل ما يزيد على 100 مواطن وتعذيب آلاف المواطنين، خلال فترة حكمه القصيرة.

وبالتالي وبعد أن تم عرض أهم نقاط التشابه بين مشروعي التوريث في عهد مبارك والتمكين في عهد مرسي، يكون قد تبقي أهم نقطة لم تتحدد بعد وهي مصير المشروعين، فهل سيُحكم علي مشروع التمكين بالفشل، كما حُكم من قبل علي مشروع التوريث؟

الإجابة نعم، فالشعب الذي استطاع من قبل أن يتصدي لمشروع مبارك ويقف أمام تنفيذه بأروع صور المقاومة من خلال "كفاية" وأخواتها، قادر علي أن يتصدي لمشروع التمكين ويقف أمامه من خلال "تمرد"، التي نبعت من رحم "كفاية"، وتستكمل مشوارها.

nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية