الحق المر
ينبغى في العمل العلمى السليم، والبصر الصحيح بالأدلة الشرعية المعتمدة، والفهم الواعى للاستنباط المعتبر، فقه ما يخص الشأن العام للمجتمع المصرى:
أولًا:- التفرقة بين: "الخروج على الحاكم" و"الحرابة" و"حرية الرأى":
أ- الخروج على الحاكم العدل الذي انعقدت على ولايته الكثرة الكاثرة من أهل الحل والعقد، دون إكراه معنوى أو حسى، ومن صور الإكراه إقحام الدين الحق في عمليات التصويت، من جهة الإخبار الكاذب عن نتيجة التصويت - إيجابًا أو سلبًا - بالجنة والنار، وعدم الوثوب على الحكم بمناوئة من قبله وخلعه مباشرة أو سببًا قهرًا وقسرًا، وعدم اعتلاء الحكم بالمحرمات ومن أبشعها الرشوة فلا يتوصل إلى طاعة الله - تبارك وتعالى - بمعصيته، مع التزامه بالسياسة الشرعية الحقيقية في أصولها التشريعية العامة «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون». الآية «٩٠» من سوة النحل، فالحاكم إذا استوفيت فيه ما ذكر وما يماثله وما يناظره وما يشابهه: تجب طاعته ويحرم الخروج عليه إعمالًا بالأدلة الشرعية من النصوص الشرعية والإجماع، والخروج عليه جريمة «بغى»، قال الله - عز وجل «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء إلى أمر الله فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين* إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون». الآيتان «١٠٫٩» من سورة الحجرات.
ينبغى «الإصلاح» وبذل الجهود لاتقاء إراقة الدماء، وعدم مجابهة العدوان بالعدوان، بل تقدر الضرورة من المؤسسات المنوط بها حراسة الأمن العام للمجتمع وليس لآحاد وعوام الناس مهما كان وفى أضيق الحدود لدواعى الضرورة «الضرورة تقدر بقدرها» وينبغى لتحقيقها وجود إراقة دماء وانتهاك أعراض وإتلاف أموال.
الفئة الباغية هم: الخارجون من المسلمين عن طاعة الإمام الحق بتأويل، ولهم شوكة "أي قوة مسلحة".
أما الحاكم الظالم الذي ناوئ من قبله وسعى في خلعه، وتعدى حدود الله - عز وجل، أو فقد شروط ولايته المعتبرة في إدارة شئون البلاد، أو أهدر سيادتها، وفرط عمدًا في حكمها، أو كان ليس أهلًا للولاية، أو ظلم في حكمه، واستعان بأهل السوء والشر، فهذا ظالم لا يعان على حكمه.
صرح الإمام مالك بن أنس - رضى الله عنه:- الإمام غير العدل لا تجب معاونته، دعه وما يراد منه، ينتقهم الله - سبحانه وتعالى - من الظالم بظالم، ثم ينتقم من كليهما.
إذن:- الحاكم العادل يطاع ولا يخرج عليه، ويوعظ وينصح.. والحاكم الظالم لا يعان.
ب- جريمة الحرابة: قطع طرق عامة بغية القتل فقط، أو القتل وأخذ مال، أو أخذ مال دون قتل، أو مجرد الإرهاب والإرعاب فقط، عقوباتهم بأمر ولى الأمر فقط وليس لعموم أو آحاد الناس، قال الله - عز وجل «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوًا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم» الآية «٣٣» من سورة المائدة.
ج- مسألة «حرية الرأى» بالقول أو بالفعل وهو ما يسمى "التظاهر السلمى"..
إذا وجدت الدواعى والمقتضيات المعتبرة فجائز ومشروع، والأصل فيه ما قال سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – "الدين النصيحة، قلنا: لمن، قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، ومما منهم".
تذكرة طيبة تعيها أذن واعية، إعظامًا للشرع المطهر، واتقاء للمزايدة بالشرع وعليه.
والله الهادى إلى سوء السبيل.