فكري أباظة يحذر من استخدام التليفون
فى مجلة الهلال عام 1938 كتب الكاتب الساخر فكرى أباظة قصة قصيرة بعنوان " التليفون " يحذر فيها من الاستخدامات السلبية للتليفون الذى أصبح من وجهة نظره مصدر لخراب البيوت من خلال قصة شاب وقع فى غرام زوجة أبيه. فقال :
لقد كنت فى الأسواق عامل رواج ، ولأنك كنت فى المصالح عامل مصلحة ولأنك كنت فى الظروف الحرجة عامل إنقاذ.. فأنت فى الصالونات والبيوت الان عامل دمار وخراب فكنت المخابرات التى تكشف الخيانة والرذيلة والأسرار . كم فضحت عائلات ونكبت أسر ، وكم دمرت وخربت ، وكم أفسدت من فتاة طاهرة وكم لوثت من زوجة بريئة ، وكم قسيت بلب شيوخ وشباب ، وكم فرقت بين الرفاق والأصحاب ..خيرك كثير وشرك كثير يا آلة المدينة الجهنمية .
ومن الحوادث التى أصابتنى بسبب التليفون كان أن اتصلت بى زميلة صحفية من مؤسسة أخرى وغيرت من صوتها وأبدت إعجابها بى وطلبت ميعاد فى أى مكان لأنها مشتاقة لرؤيتى، ولولا أنى شكيت فى أمرها لكانت هناك فضيحة فى الوسط الصحفى.
وذات يوم رن جرس التليفون وإذا بسيدة تقول لى الشقة كام اوضة؟ قلت لها شقة مين ؟ قالت مش تليفون حضرتك رقم 48846 ، قلت آه ، قالت :مش فيه إعلان فى الأهرام انهاردة عن إيجار هذه الشقة، عاوز كام بقى؟ قلت لها النمرة غلط، وما كدت استأنف يومى حتى رن التليفون ثانيا ثم تتابعت الرنات من الاسكندرية من طنطا، قبلى الشقة مطلوب إيجار كام وهى فى أى دور وقبلية ولا بحرية . جننت وأوشكت أكسر التليفون فقط كان أكثر من 30 تليفون فى اليوم ولم استطع النوم يوم واثنين وثلاثة واكتشفت أنه مقلب من أحد زملائى.
ومرة أخرى تغيب محمد توفيق خشبة باشا أحد أعضاء مجلس النادى الأهلى شهورا فى أسيوط فكتبت إعلانا فى الأهرام ولدنا توفيق عود الى ناديك وطلباتكم مجابة ووضعت رقم تليفون بيته وكانت فضيحة.
كان التليفون حين ظهر فى مصر فى الثلاثينات يعتبره البعض مصدر الثراء والنفوذ فتسارعت البيوت لاقتنائه، لكن استخدمه البعض لدس الدسائس وخراب البيوت بتوقيع "فعل فاعل".
اقرأ أيضا:
لذلك أنصح كل أب وكل أم وكل زوجة وكل زوج أو ولى أمر غيور على وقته وعلى دينه وعلى كرامة أسرته وذويه وأولاده بالحذر منه. فالتليفون هو الخطر المصرى الكبير هو جهنم الحمراء هو التيفوس والتيفود للنفوس والقلوب والأبدان والأجسام.