عندما رحل صاحب يوم اليتيم
في العاشر من شهر يوليو عام ٢٠١٨ رحل صاحب يوم اليتيم بعد حياة صحفية حافلة بالعطاء، حيث عاش جل حياته متنقلا بين مصادر الأخبار والتحقيقات ليقدم في كل يوم جديد، حتى واتته فكرة يوم اليتيم عندما أعد مقترحا بها.
واستجابت له وزارة الشئون الاجتماعية وأصبح في مصر يوم نحتفي فيه ونرعى يتامى مصر، وعلى أثر تلك الدعوة أنشئت جمعيات أهلية ومؤسسات مهمتها رعاية اليتامى ووضعهم في منطقة الاهتمام والعناية.
رحل صديقي عيد حسن الصحفي النشيط صغير السن، بعد أن زاملنا لسنوات طويلة في جريدة الأحرار التي كانت تنطق باسم حزب الأحرار، ثم وصل معنا إلى محطة فيتو وكان من مؤسسيها، فلم نره يوما من الأيام ضمن شلة أو جماعة.. كانت شلته هي الاجتماع الصباحي بعد انتهائه يخرج عيد حسن متجولا بين مؤسسات ومراكز أبحاث ينهل منها من معين كل جديد ليقدمه إلى القارئ.
وكان عيد حسن صديقا للكل لم يخالف أحدا ولم يختلف مع زميل له، وكان الحاضر الأول في كل مناسبة تخص زميلا أو صديقا، وظل سنوات عمره متوافقا مع ذاته غير حانق على أوضاع لم تمنحه قدره، ولم يتمرد في يوم من الأيام ضد ضعف مرتب أو خفض مكافأة، عاش حياته راضيا وغادرها تاركا خلفه شابين ناجحين هما ابناه اللذان يكمل أحدهما مسيرة والده في العمل الصحفي، بينما آثر الآخر العمل في مجال بعيد عن مهنة القلم.
ذكرياتي مع عيد حسن تجعله حاضرا في ذاكرتي طالما حييت، فقد كان أكثر من صديق تعلمت منه من المعاني والقيم مايدفعني دوما إلى الدعاء له في الدار الآخرة، ومهتما بابنه الخلوق حسام المصور والصحفي الذي يعيد أمجاد والده، حيث يزخر بعلاقات متينة مع كافة الزملاء من المصورين والصحفيين من جيله ومن جيل أساتذته، يرسم من جديد بعض ملامح مسيرة والده في الإخلاص لعمله دون ضجيج أو صخب.
وعيد حسن الذي غادرنا منذ هذا التاريخ ترك فينا جميعا أثرا خالدا من القيم النبيلة والإيمان بإنكار الذات، حيث لم يعلم واحد منا جميعا أنه كان صاحب مرض ومرارة مع الكبد العليل إلا عند رحيله.. كان يكتم آلامه فلم يغب يوما عن اجتماع، ولم يتأخر في أداء أي تكليف، ولم نشعر بما كان يعاني وكأن لسان حاله يردد "احبس آلامك لنفسك وأدّ واجبك حتى آخر نفس"..
رحل وهو الباقي في ذاكرتنا وذكرياتنا.. رحم الله الصديق الوفي والصحفي الخلوق ومنحه أجر كل يتيم أصبح في دائرة اهتمام الناس والدولة.