صناعة الخوف والقتل بدون رصاص
للخوف صياغة وللهلع خطاب، ورسالة أصحاب كورونا للعالم تم تضمينها كل وسائل الرعب والهواجس، ونقل العامة والخاصة من خانة التفكير إلى التلقي المباشر إلى عمق الرسالة المراد توصيلها، بدءًا من ووهان التي واجهت بشجاعة كل مضامين الرعب ونجحت في اختبار سهل افتراضيًّا وغاية في الصعوبة واقعيًّا..
فالتعامل جرت وقائعه مع بشر تعرضوا لأكبر حملة من الترهيب والخوف على الحياة، وهل هناك بعد الحياة شيء نخشاه؟
أصحاب الرسالة الملعونة رسخوا المعنى الحقيقي لكورونا على أنه مرادف لكلمة الموت بين يوم وليلة، ومن ثم نقلوا بعد ذلك رسالتهم إلى خانة الانتشار المميت للفيروس، وتحول العالم بفضل وسائل الإعلام الاجتماعي كأداة حرب في الأصل إلى تخويف أنفسهم بأنفسهم، وتحول العامة إلى خبراء وتناقلوا ما يرد إليهم بجهل أعمى، فأصبحنا أمام مثال صارخ لهزيمة نفسية بلا سبب حقيقي لها.
اقرأ أيضا: شواذ كرة القدم
الأخبار التي تم بثها للسوشيال ميديا في العالم جرى اجتزاؤها وتجهيلها عن عمد لتحقيق المراد، "كورونا يصيب وزيرا إيرانيا".. "روحانى مصاب بفيروس كورونا".. "ضباط في الجيش الإيرانى مصابون بالفيروس القاتل".. "مسئول إسباني يتعرض للإصابة بفيروس كورونا".. "مسئول برازيلي ينقل العدوى لآخرين".. "مسئول حزبى صيني كبير يتعرض للإصابة بالفيروس"، وتبلغ الرسالة منتهاها ببث خبر عبر وكالات الأنباء بأن الرئيس الأمريكي التقى مسئولين مصابين بالفيروس، وتتمادى الرسالة في زرع الخوف بأن ترامب يخضع للفحص.. ينتظر العالم مصير ترامب!!
قمة المأساة الإنسانية أن يتقن المتلاعبون بالعقول أدوات علم الإقناع، ويستخدمونها ضد العوام.. نجحت أدوات الحرب الجديدة في إقناع الجماهير بأن المرادف الحقيقي لكلمة كورونا هو الموت، ثم نقلت رسالتها إلى عوالم أكثر أهمية بأن الكبار.. كبار المسئولين في العالم أصبحوا في مرمى الموت.
اقرأ أيضا: حكاية كسوة السيدة زينب
نقل أخبار إصابة المشاهير بالفيروس دفع العامة إلى التفكير في مصيرهم، بعيدا عن التفكير فيما هو أكثر منطقية بحيث لا يفكر أحد في السؤال الجوهرى ما هو فيروس كورونا؟! وهل ينتقل أكثر من الإنفلونزا العادية؟!
الأرقام لا تكذب، فضحايا الإنفلونزا العادية أضعاف ضحايا الكورونا حيث تصل إلى ٦٨٠ ألفا سنويا أي قرابة ١٨٨٠ شخصا يوميا، ولك أن تتصور لو أن وسائل الإعلام نقلت لنا أخبار من أصيبوا بالإنفلونزا العادية.. ملايين الملايين بالطبع.
حصار أوروبا ومن قبلها الصين واحد من وسائل الإقناع بالخوف والترهيب والهلع، فأوروبا "المتعلمة" التهمت الطعم وسقطت في الاختبار، ومن قبلها المارد الصينى الذي اهتز وترنح إزاء أكذوبة ملعونة.. عدد المصابين في العالم بالفيروس الوهمى لا يزيد على ١٥٠ ألف حالة، والضحايا أقل من ستة آلاف، بينما فيروس حوادث الطرق في مصر وحدها يصيب ويقتل أكثر من ثلاثة عشر ألف مواطن بالتمام والكمال!! هل القضية الأساسية هي الكورونا؟.. بالطبع لا..
اقرأ أيضا: سقوط الإنسانية في امتحان كورونا
كورونا مجرد بالونة اختبار لنوع جديد من الحروب، حروب الخوف والهزيمة دون قتال، نعم العالم شهد أكبر هزيمة في تاريخه، سبق تلك الهزيمة موقعة إنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير.. هذه المرة النموذج قوى ومزعج ومخيف، ليس مخيفًا بالآثار التي يخلفها الفيروس، ولكنه مرعب من ناحية نتائج الاستخدام المدهش لوسائل الإعلام الاجتماعي في خوض حرب دون سلاح!!
استخدام الإعلام الاجتماعي في تمرير رسائل بعينها ساوى بين الدول التي تحظى بنظام تعليمي جيد وبين دول تخلو تماما من التعليم.. الكل سقط في الاختبار وتلقى الهزيمة بل وشارك فيها دون وعى، فالوعى دهسته وسائل إقناع حديثة استخدمت "الجمهرة" كأسوأ نموذج يمكن أن نعيشه في عالم خلا تماما من العقل والمنطق، في مواجهة فيروس أضعف من فيروسات الإنفلونزا العادية.. والسؤال: هل يعنى هذا أن نتجاهل مواجهة الفيروس؟ بالطبع لا.