د. محمود شحاتة: فيروس كورونا يمكن تصنيعه في المستقبل لأن تسلسله الجيني أصبح متاحًا للجميع (حوار)
«الحرب البيولوجية» واحد من السيناريوهات التي طرحت خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتحديدًا بعد الاتهامات المتبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فواشنطن على لسان رئيسها تصر على وصف فيروس «كورونا» بـ «الصيني»، وبكين لم تستبعد بدورها أن يكون الجيش الأمريكي سببًا فى انتشار الفيروس الجديد على أراضيها.
وفي هذا الإطار التقت «فيتو» الدكتور محمود شحاتة، باحث الفيروسات بالمركز القومي للبحوث، الذي قدَّم رؤية علمية محايدة حول «كورونا»، حيث نفى احتمالية «نظرية المؤامرة» فيما يحدث الآن، وشدَّد على أن «السلوكيات الإنسانية الخاطئة» تعتبر السبب الرئيسي في انتشار الفيروسات وخروج أنواع قاتلة منها.
د. شحاتة تحدث أيضًا عما يحدث داخل المعامل الكبرى، واحتمالية أن تشهد السنوات المقبلة تطوير فيروسات أكثر ضراوة للفتك بالإنسان في إطار الحروب البيولوجية، مؤكدًا أن معلومات عدة أصبحت متاحة اليوم على شبكة الإنترنت حول الفيروسات، غير إن الأدوات اللازمة لـ«تصنيع الفيروس» لا تتوافر لأي شخص.
وعن السيناريوهات المستقبلية لـ«كورونا»، أكد الباحث أن هناك سيناريوهين أولهما أن ينحسر الفيروس مع ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، وتنحسر معدلات الإصابة أو أن يستمر إلى أن يتم التوصل إلى لقاح لمكافحته، وعن رؤيته للخطوات الوقائية التي اتخذتها مصر لمواجهة الفيروس وأمور أخرى.. كان الحوار التالي:
*تزامنًا مع ظهور «كورونا» خرجت أقاويل تتحدث عن نظرية المؤامرة واحتمالية أن يكون الفيروس الصيني جزءًا من حرب بيولوجية.. علميًا هل يمكن تصنيع الفيروسات والأوبئة في معامل الدولة الكبرى؟
بالفعل هناك فيروسات مصنعة يتم تحضيرها داخل المعامل، لكن يتم تحويلها من فيروسات شديدة الضراوة إلى فيروسات قليلة الضراوة مثلما حدث عندما اكتشفنا لقاح إنفلونزا الطيور، حينها أخذنا الجينوم الخاص بالفيروس، ونقوم بعمل تعديل فيه يسمح لنا بإزالة الأجزاء التي تسبب الضرر والخطورة وتحوله إلى فيروس غير خطر لإنتاج اللقاح.
*وكيف يتم إنتاج لقاح إذا تم إزالة الجزء الضار من الفيروس من الأساس؟
يجب هنا التفرقة بين اللقاح وبين مضادات الفيروسات، فأساس عمل اللقاح تكوين فيروس قليل الضراوة ليتم حقنه فى الإنسان حتى يكون بمثابة أجسام مضادة له فيستطيع الجهاز المناعي التغلب على أي عدوى تأتي من هذا الفيروس بعد ذلك وهي نفس فكرة التطعيمات، فالهدف الأساسي للقاح الحماية قبل حدوث أي عدوى.
*وكيف يتم إنتاج مضادات الفيروسات؟
مضادات الفيروسات تصلح لوقتنا الحالي مع فيروس كورونا، فإذا لم يأخذ الإنسان لقاحًا وأصيب بعدوى الفيروس وظهرت أعراضه عليه وثبت بالتشخيص الإصابة بالفيروس هنا يتم أخذ مضادات الفيروسات وهي عبارة عن أدوية تشبه المضادات الحيوية، وتبطل نشاط وتكاثر الفيروس داخل خلايا الجسم.
*وماذا يحدث عند تصنيع فيروس أو وباء دون إزالة الجزء الضار في تكوينه؟
هنا يكون الهدف غير نبيل بالمرة، فلا يمكن إنتاج لقاح دون إزالة الجزء الضار من الفيروس، أما إذا لم يتم إزالة هذا الجزء فهذا ما يسمى بالحرب البيولوجية حيث يتم تخليق فيروسات في المعمل ونشرها في مكان ما، وهذا متاح بالفعل لكنه صعب مع الفيروسات حيوانية المنشأ مثل فيروس كورونا وإنفلونزا الطيور والخنازير.
فـ«كورونا» بدأ في الحيوان وانتقل للإنسان عن طريق التعامل المباشر مع الحيوانات مثل الخفافيش والحيوانات البرية، وبسبب العادات السيئة للشعب الصيني مع الحيوانات والطعام حدثت طفرات داخل الفيروس فكسر عائل الحيوان وانتقل للإنسان وأصبح ينتقل من إنسان إلى إنسان من خلال طفرة أخرى.
*ولماذا يستحيل هذا الأمر إذا كان من الممكن عزل الفيروس من الحيوان وتعديل الجينوم الخاص به؟
لأن فيروس كورونا الجديد أو كوفيد ١٩ فيروس جديد كليًا ولم يتم عزله من الحيوانات البرية حتى الآن، فهو فيروس تسلسله الجيني كبير، فقد تم التعرف على أجزاء صغيرة منه ولكن ليس الفيروس كاملًا في نوع من الخفافيش والثعابين وحيوان أكل النمل معمليًا.
وبما أنه ليس هناك شيء مطلق في العالم فمن الممكن أن يتم تصنيعه في المستقبل لأن التسلسل الجيني الخاص بالفيروس المعزول والذي يصيب الإنسان حاليًا أصبح متاحًا للجميع على الإنترنت، لكن حتى الآن لم يحدث هذا على أرض الواقع، وممكن أن يتم ولكن بنسبة ضئيلة جدًا.
*هل هذا يمكن أن يفتح الباب لإعادة تخليق فيروسات منقرضة سبق وأن تم القضاء عليها من قبل وإعادتها مرة أخرى للحياة؟
على المستوى العلمي هذا يمكن أن يحدث بالفعل، لكن على أرض الواقع الأمر ليس سهلًا على الإطلاق كما هو متوقع، فالمعامل فى كل دول العالم عليها رقابة مشددة، فهناك عدد محدود جدًا من المعامل على مستوى العالم تستطيع أن تعزل فيروسات ضارة، وإذا حدث هذا يكون بهدف إنتاج لقاحات لها، وليس لأي هدف آخر.
*ما السيناريوهات المطروحة حاليًا في مصر وفي العالم كله بالنسبة لفيروس كورونا؟
هناك أمران محتملان الأول وهو الأكثر واقعية أن ينحسر الفيروس باتباع الناس للقواعد الصحية المعلنة والتزامهم داخل المنازل لفترة لعدم الاختلاط مع مصابين وأيضًا سيتضاءل حجم العدوى بفيروس كورونا بحلول فصل الصيف بدءًا من شهر مايو ويونيو ويكاد ينعدم، والسيناريو الثانى أن يستمر وجود الفيروس وتزداد حالات الإصابة والعدوى به.
لكن الإجراءات الصحية الوقائية التى تم اتخاذها في مصر حاليًا تزيد من احتمالية انحسار الفيروس في الشارع، وبالتالى فإن درجة الحرارة والرطوبة قادران على قتل الفيروس.
*وماذا بعد كورونا؟
الكورونا من الفيروسات التي يحدث لها تحور أو تطور كل فترة زمنية طويلة، لذا سيظل ثابتًا على هذا الشكل لفترة كبيرة، لذا أي إصابة للإنسان ستجعله يكون أجسامًا مضادة مناعية ضد هذا الفيروس، وعلى نهاية هذا العام –بإذن الله تعالى- ستقل أعداد المصابين كثيرًا، وهنا سينتهي الفيروس تمامًا إلى أن يحدث له تطور أو تحور في الجينوم الخاص به، وذلك لن يحدث إلا بعد فترة كبيرة وحينها يمكن أن يحدث وباء آخر مستجد مثل هذا مرة أخرى.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...