شاهد على العصر.. زغلول صيام يكتب حكايات من دفتر ذكريات الكرة المصرية "الحلقة الأولى" .. اتحاد الكرة يستبعد مدربا وطنيا
لم يكن الوقت كافيا أو يسعف الإنسان لكتابة تجارب مرت به أو شهادة حق كان يجب أن يقولها في حينها لسرعة الأحداث ورتم الأحداث السريع ...ولكن الآن مع تجميد فترة النشاط الكروي وجدتها فرصه لاستعادة سطور الماضي لعل وعسى…
في منتصف تسعينات القرن الماضي وبالتحديد عام 1994 بدأت العمل في الصحافة الرياضية محررا لأخبار الاتحادات ومعها الفريق الوطني الأول الذي كان عائدا من تونس بخيبة أمل الخروج من الأمم الأفريقيه التي استضافتها الشقيقه تونس علي يد مالي من دور الثمانية وكان يقود الفريق الوطني الشيخ طه إسماعيل ومعاونه فاروق جعفر.
زغلول صيام يكتب: وهل يجرؤ اتحاد الكرة على التحقيق مع محمد صلاح؟!
في تلك الفتره الحزينة من عمر الكرة المصرية تفتق ذهن الدكتور عبدالمنعم عمارة رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة آنذاك عن ضرورة الاستعانة بمدربين من هولندا في الأندية والمنتخبات وتولى المنتخب الوطني الأول نول دي راوتر وتولي رود كرول قيادة المنتخب الأولمبي وطبعا مدرب في الإسماعيلي وآخر في المصري وكله على نفقة الدولة ممثلة في المجلس الأعلى للشباب والرياضة.
وكان المنتخب الأول يقوده راوتر ومعه محسن صالح مدربا عاما وسمير عدلي مديرا إداريا قبل أن يغضب عليه راوتر ويطلب استبعاده ويتم تصعيد علاء عبدالعزيز مديرا إداريا للمنتخب.
وسارت الأمور طبيعية ولكن الأجواء لم تكن تعجب راوتر ولم يتأقلم مع الظروف داخل مصر وقرر الرحيل من برة برة حيث كان المنتخب في الجزائر يستعد لملاقاة المنتخب الجزائري واضطر اللواء حرب الدهشوري رئيس اتحاد الكرة آنذاك لإعلان تولي محسن صالح قيادة المنتخب في تلك الفترة.
بدأ محسن صالح يرتب أوراقه ويستبعد كل العناصر القديمة واستعان بأبناء الأقاليم في المنتخب لدرجة أنه لم يكن في المنتخب من الأهلي غير هادي خشبه ووليد صلاح الدين من الأهلي واستبعد شوبير كابتن الفريق الوطني واستعان بنادر السيد حارس الزمالك الصاعد وفوجئت الجماهير بأسماء جديدة على أسماعهم مثل رأفت عنتر وعبدالله الصاوي وطارق فهيم وسمير كمونة أثناء لعبه للمقاولون وأحمد نخله وعصام عبدالعظيم وحمزه الجمل وغيرهم كثيرون.
المفاجأة أن هذه المجموعه كسرت الدنيا وبدأت تحقق الانتصار تلو الآخر داخل وخارج مصر لدرجة أن المنتخب الوطني تأهل للأمم الأفريقية التي ستقام بجنوب افريقيا عام 96 بجنوب افريقيا قبل انتهاء التصفيات بمباراتين ...انتصارات بعدد وافر من الأهداف والدنيا سارت مع محسن صالح لدرجة أن الجميع طالب بمنح محسن صالح الفرصة.
بكاء محسن صالح
كانت انتصارات محسن صالح تزيد من هجوم البعض عليه خاصة من النجوم الذين يتم استبعادهم من المنتخب وكان أبرزهم التوأم إبراهيم وحسام حسن لدرجة أنهم ذهبوا إلى بيت محسن صالح للاعتداء عليه وكانت مشاجرة بمعنى الكلمه ناهيك عن الهتافات ضد محسن في المدرجات من الجماهير لاستبعاد بعض النجوم مثل شوبير ولذلك كانت دموع محسن صالح تتساقط في كل مباراة وبعد إحراز فوز جديد.
الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن …
وفي الوقت الذي يستعد فيه محسن صالح لقيادة المنتخب الوطني في جنوب أفريقيا أفاجئ باتصال هاتفي من الكابتن محسن صالح يبلغني فيه بلقاء في اتحاد الشرطة الرياضي وتوجهت على الفور إلى هناك حيث مكتب اللواء حرب الدهشوري رئيس اتحاد الشرطة الرياضي وإذ به والكابتن سمير زاهر وكيل الاتحاد موجودا وتواجد معي الزميل عمرو مخلوف (الاهرام المسائي) وتم فتح الموضوع من قبل الكابتن سمير زاهر بأن المصلحة تقول الاستعانة برود كرول المدير الفني للمنتخب الاولمبي لقيادة المنتخب في أمم أفريقيا والكابتن محسن صالح يستمر معه مدربا عاما كما كان مع راوتر (وبالمناسبة دي كانت تعليمات الدكتور عمارة صاحب شروة المدربين الهولنديين) وقتها رفضت الصمت وقولت ماينفعش ولابد من إعطاء الكابتن محسن الفرصة بعد نجاحه في التصفيات ...هم يتحدثون وأنا أرفع صوتي بالرفض في حين الكابتن محسن صامتا ولما وجد الكابتن سمير انني احرض الكابتن محسن صالح فبدملوماسيته المعهودة طلب مني أن نتحدث خارج الغرفة وبالفعل خرجت معه وأنا أقول له (ماينفعش ) وهو يفتح موضوعات ليس لها علاقة بالموضوع حتى قال لي تعالى نرجع للاجتماع وإذ بالكابتن محسن يبلغني أنه وافق على العرض وأنه سيعمل مع كرول مدربا عاما ….
ما توقعته حدث …
أدركت منذ الوهلة الأولى أن هذه الطبخة لن يكتب لها النجاح ولم تمض أيام طويلة حتى أعلن الكابتن محسن صالح اعتذاره عن العمل مع كرول ليتم تصعيد جهازه المعاون في المنتخب الأولمبي معه الكابتن فاروق السيد والراحل صادق عبدالمنعم والكابتن فكري صالح وانتهت الولاية الأولى لمحسن صالح بعد أن استكثر عليه البعض قيادة المنتخب وتعرض لحرب ضروس من النجوم الكبار.
مواقف لاتنسى
بقي أن اقول إن الكابتن محسن صالح قبل توليه المهمة كان قد تعرض لأزمة نفسية شديدة خاصة بفقد زوجته ورفيقة عمره وأم بناته في حادث أليم ورغم ذلك لم يشفع له ذلك في التعرض لهجوم كبير ….ولا أنسى أن معظم معسكرات المنتخب كانت تقام في فندق نادي المقاولون العرب وأجريت حوارا مع الكابتن محسن وكان به سؤال في غايه الأهمية... يا كابتن محسن لو عرض عليك العمل مساعدا للكابتن الجوهري هل ستوافق ؟! سكت الكابتن محسن قرابة الخمس دقائق ثم قال موافق ...تركته وذهبت إلى الجريده وعنواني الرئيسي محسن صالح يقبل العمل مساعدا للجوهري ودخل المطبعه وأعود إلى قريتي وإذ بي أتلقى تليفونا ليلا وكانت التليفونات في ذلك الوقت صعبة جدا حيث كانت عن طريق سنترال ثم داخلي ولكنه وصل إليّ ووجدت الكابتن محسن يقول لي اشطب سؤال الجوهري وإني غير موافق للعمل مساعدا له فابلغته أن الجورنال في السوق فصمت وألقى السلام واغلق الهاتف ….في تلك الفتره ضم محسن صالح عن طريق الراحل حسن مختار عصام الحضري للمنتخب وهو كان يلعب في دمياط وبالفعل لاني كنت مغرم بعمل حوارات مع هؤلاء الذين لايعرفهم الجمهور فكان أول حوار في حياة عصام الحضري ومازال يذكره وأذكره باني عملت أول حوار له في حياته.
تضامن الصحفيين مع عدلي والنجوم
عندما كان راوتر يدرب المنتخب كانت هناك حملة عليه بسبب تجنيبه سمير عدلي المتهم آنذاك بأنه رفيق الكابتن الجوهري واستبعاد شوبير وعندما دعا لمؤتمر صحفي في فندق سونستا بمدينة نصر اتفق كبار الصحفيين على مقاطعة المؤتمر ولكني ذهبت إلى هناك لأجد نفسي وحيدا في الفندق ولكن راوتر أصر على الجلوس معي بمفردي وأجاب عن كل تساؤلاتي وشكرني على ذلك وطلبت منه إجراء حوار مع بعض اللاعبين فاستدعى الدكتور علاء عبدالعزيز وطلب منه تلبية جميع طلباتي فعملت وقتها حوارا مع هاني رمزي المحترف في ألمانيا وغيره من النجوم.
وفي الحلقه القادمه نتحدث عن مشوار كرول وبداية ولاية الخطيب وجعفر في المنتخب.