أسئلة ما بعد كورونا! (3)
إختلف المحللون فى أمريكا حول تأثير كورونا على المستقبل السياسى للرئيس ترامب.. فهناك من رأوا أن هذا الفيروس سريع الانتشار سيقلل من فرص انتخاب ترامب لفترة رئاسية ثانية، ومنهم من يرى العكس أنه سوف يفيده ويساعده على البقاء فى البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى قادمة.
الذين يعتقدون بالتأثير السلبى لجائحة كورونا على المستقبل السياسى لترامب يستندون إلى أن ترامب ارتكب أخطاء فادحة فى أزمة كورونا.. فهو فى البداية سخر من الفيروس وهون من شأنه، بل وسعى لاستثماره سياسيا ضد خصومه داخل وخارج أمريكا.. وعندما إقترب الخطر من أمريكا استهان به ولم يكترث إلا متاخرا بخطورته..
وحتى بعد أن صارت أمريكا فى قلب الخطر لم يتصرف ترامب بوصفه رئيسا أو كقائد قدير يمنح الثقة للأمريكيين، وإنما ظل مشغولا أكثر بالانتخابات الرئاسية التى تنتظره بعد عدة أشهر قليلة، وتصرف كمرشح فقط للرئاسة ونسى أنه رئيس بالفعل، ولذلك ظل فى كل مرة يطل فيها على الأمريكيين يتباهى بإنجازاته وبإخفاق سلفه الديمقراطي أوباما!
اقرأ أيضا: سر مظاهرات كورونا !
أما الذين يعتقدون أن ترامب سوف يستفيد من كارثة كورونا سياسيا فهم يَرَوْن أن معظم الأمريكان لا يقررون لمن يمنحون أصواتهم إلا قبيل موعد التصويت فى الإنتخابات بأيام قليلة وأحيانا بساعات.. أى إنه مازال هناك وقت متاح أمام ترامب لتجاوز أزمة كورونا، واستعادة الحياة الطبيعية من جديد، وهو بدأ بإلحاحه على عودة الحياة الطبيعية مدركا لذلك بشدة..
كما إن ترامب يجيد عملية حشد الناخبين بإثارة الخوف لديهم وبتقديم نفسه كمنقذ لهم ومبددا لهذا الخوف، وهذا ما فعله فى الانتخابات السابقة عندما أثار خوف الأمريكيين من المهاجرين، بل وإثارة عدائهم ضد هؤلاء المهاجرين..
اقرأ أيضا: استغلال سياسي لفيروس كورونا
وهو سوف يفعل ذلك حاليا بإثارة خوف الأمريكيين من الصينيين فى الخارج والديمقراطيين فى الداخل، فضلا عن أن بايدن الذى من المرجح أن ينافسه فى الإنتخابات القادمة ليس بالشخصية التى تجذب الناخبين.
ولكل رأى هنا وجاهته بالطبع.. لكن الأمر مرهون فى نهاية المطاف على مسار أزمة كورونا ليس فى أمريكا وحدها وإنما فى العالم كله، بالمدى الزمني لهذه الأزمة، وايضاً بنجاة ترامب شخصيا من خطر هذا الفيروس، الذى هدد ميركل بالأمس، وأصاب جونسون اليوم، ولا ندرى من يهدد ويصيب غدا.
اقرأ أيضا: الفيروس والحكام
بقى القول إن بقاء ترامب بالبيت الابيض أو رحيله عنه سيكون له تأثيره على عالم ما بعد كورونا.. ولنتذكر أن وصوله للبيت الأبيض كان له تأثيره فى عالم ما قبل كورونا.. فقد أعاد صياغة علاقات أمريكا بحلفائها خاصة الأوربيين، وأدخل العلاقات الامريكية الصينية فى أزمة، ولم يحسّن العلاقات مع الروس كما كانوا يأملون، ومكن إسرائيل من إجهاض حلم الفلسطينيين فى دولة مستقلة..
ولذلك فإن أمر بقائه أو مغادرته البيت الأبيض سيكون له أثره كثيرا فى عالم ما بعد كورونا، خاصة وأن ترامب ليس من دعاة التعاون الدولى وإنما هو من الرافضين له .