من شروط وآداب الدعاء
يقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: “إذا فتح الله لك باب التوفيق فقد ضمن لك الإجابة، وإذا فتح لك باب الاستغفار سبحانه فقد ضمن لك المغفرة، وإذا فتح لك سبحانه باب الشكر فقد ضمن لك المزيد، وإذا فتح لك باب الدعاء فقد ضمن لك سبحانه الإجابة”.
نعم، صدق الإمام ولا شك أن الله تعالى حينما دعانا وأمرنا أن ندعوه ونسأله ونطلب منه لا شك أنه سبحانه وتعالى قد ضمن لنا الإجابة.. وللدعاء آداب وشروط أشار إليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله، منها الإيقان بالإجابة، أي أن يكون الداعي على يقين كامل لا يدانيه شك أن الله تعالى سيستجب له، ففي الحديث الشريف: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة”..
ومنها أيضا استقبال القبلة عند الدعاء، ويستحب أن يكن العبد أثناء الدعاء على طهارة ووضوء، وأن يصلي على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله قبل دعائه، وأن يختم الدعاء بالصلاة على حضرته، فالله تعالى يقبل الصلاة على النبي قبل الدعاء وبعد الدعاء، وهو تعالى أكرم من أن يدع ما بينهما.
اقرأ أيضا: السيدة "نفيسة".. سيدة أهل العلم
ومن دواعي الاستجابة للدعاء حضور القلب عند الدعاء والخشوع والتضرع إلى الله تعالى، وعدم تعجل الإجابة فالله سبحانه أعلم بما هو أنفع للعبد في توقيت الإجابة، فإن كان التعجيل بالإجابة أنفع للعبد عجل له سبحانه، وإن كان الدعاء أنفع للعبد في دفع ضر وبلاء ورفع قضاء دفع الله تعالى عنه لدعائه. وإن كان الدعاء أنفع للعبد في الآخرة يوم الحساب أرجئه الله وادخره له في الآخرة..
ومن شروط قبول الدعاء واستجابة الله للعبد.. المطعم الحلال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لسيدنا سعد رضي الله عنه حينما سأله أن يدعو له بأن يكون مستجاب الدعوة، قال: “يا سعد أطب مطعمك تستجاب دعوتك”..
اقرأ أيضا: الذين يحبهم الله
هذا ولعدم الاستجابة أسباب ذكرها العارف بالله سيدي إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه حينما سئل، مالنا ندعو فلا يستجاب لنا قال: لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء الأول، عرفتم الله ولم تؤدوا حقه.. الثـاني، زعمتم أنكم تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركتم سنته وهديه.. الثـالث، قرأتم القرآن فلم تعملوا به.. الرابـع، أكلتم نعم الله ولم تؤدوا شكرها..
الخامس، علمتم أن الشيطان عدو لكم واتبعتوه ولم تخالفوه.. السادس، قلتم إن الجنة حق وسألتموها ولم تعملوا لها.. السـابع، قلتم إن النار حق وطلبتم النجاة منها ولم تهربوا منها.. الثـامن، قلتم إن الموت حق ولم تستعدوا له.. التـاسع، شتغلتم أنفسكم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم.. العـاشر، دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم فمن أراد موعظة فالموت يكفيه..
اقرأ أيضا: من مظاهر القدرة الإلهية
هذا ومن سوء أدب وأخلاق البعض كثرة الدعاء عند وقوع البلاء وقلة الشكر لله بعد رفعه، يكثر الناس الدعاء عند نزول البلاء وبعدما ينكشف عنهم ينسون شكر الله تعالى ويعودون إلى ما كانوا عليه من غفلة عن ذكر الله، وتقصير في طاعته عز وجل، وفي هذا المعنى يقول أحد الصالحين: “نحن ندعوا الإله في كل كرب ثم ننساه عند كشف الكروب، وكيف نرجو إجابة لدعاء قد سددنا طريقه بالذنوب”..