حكم الشرع فى الزواج العرفي
ينتشر بين أبناء قريتنا الزواج العرفى للفتيات صغيرات السن ويؤكد الكثيرون أنه حلال، لأنه يتضمن أركان الزواج الشرعى من الإشهار والتوثيق على ان يتم الزواج الرسمى بعد سنوات، فما حكم الشرع وهل الزواج العرفي يوجب ما يوجبه الزواج الرسمي، وهل هناك سن معين للزواج الشرعي؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الإمام الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق فى كتابه "فتاوى الإمام عبد الحليم محمود" فيقول :
إننا لا نحبذ الزواج العرفى، فإن فى الزواج الرسمى ما يغنى، وأبواب الزواج الرسمى مفتحة، فلا حاجة إذن إلى الزواج العرفى، وعلى كل حال إذا استكمل الزواج العرفى شروط الزواج فى الإسلام فإنه يوجب شرعا ما يوجبه الزواج العادى من نفقة والتزام بمقتضيات الزوجية، وإذا ما حصل الانفصال فإنه يوجب العدة والنفقة وبحسب القواعد المتبعة.
اقرأ أيضا: حكم الشرع فى هجر الرجل لزوجته لخلافات متكررة
والشروط هى:
* الشهود: وهذا الشرط أعلنه ابن عباس رضى الله عنهما، ولا مخالف له من الصحابة كما يقول صاحب كتاب بداية المجتهد.. ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعلان الزواج فيما رواه أبو داود، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوصى بالوليمة فى الزواج.
وأقل درجات الإعلان الإشهاد، ولا يقل الشهود عن رجلين أو رجل وامرأتين، فإن كان الشهود رجلا وإمرأة فقط او امرأتين فقط فإن النكاح يكون فاسدا. فعن ابن الزبير المكى قال: إن عمر بن الخطاب أتى بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة، فقال هذا نكاح السر ولا أجيزه.
اقرأ أيضا: حكم الشرع فى عقد الزواج فى أشهر معينة
* الصداق أو المهر
قال تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ) وقوله تعالى: (فَآتَوْهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) وقال ابن يزيد : النحلة فى كلام العرب الواجب، يقول: لا تنكحها إلا بشيء واجب لها ، وليس ينبغى لأحد بعد النبى صلى الله عليه وسلم أن ينكح امرأة إلا بصداق واجب، ولا ينبغى أن يكون تسميته كذبا بغير حق..
ومضمون كلامهم ان الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما، وأن يكون طيب النفس بذلك، فيجب أن يعطى المرأة صداقها طيبا، فإن طابت نفسها به بعد تسميته أو عن شيء منه فليأكل حلالا طيبا وذلك لقوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا).
فإذا توفر فى الزواج العرفى الشهود والصداق فإنه يكون زواجا شرعيا يلزم الزوج بكل ما أمر به الشرع وإن لم يسجل عند المأذون، أما إذا لم يتوفر فيه ذلك فإنه لا يكون زواجا شرعيا.
اقرأ أيضا: حكم الشرع فى صلاة المرأة بالبنطلون وقدمها مكشوفة
أما بخصوص السن الشرعى للزواج فإن الإسلام لم يشترط سنا معينة، ولقد ترك تحديد السن إلى التقاليد المستقيمة، والعرف السليم دون أن يبطل العقد فى أى سن كان، ودون أن يحرمه فى أية مرحلة من مراحل العمر. ولكن الإسلام مع حرم الضرر الذى يلحقه شخص بآخر متعمدا. والقاعدة الإسلامية العامة الشاملة هى: لا ضرر ولا ضرار.
* ولكن فى 30 يناير من عام 2019 وأوصت وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء - القائمة على عمل مؤشر الفتوى - بضرورة سن تشريع يضبط مسألة زواج القاصرات، ومعاقبة من يوثِّقون هذا النوع من الزواج أو يتورطون فيه، كما أنه على القائمين بالفتوى مراجعة أهل الاختصاص في كل المجالات للوقوف على الرأي الشافي من أهل الذكر قبل إصدار الفتوى، وطالبت أيضًا بضرورة إلغاء الاستثناءات الخاصة بالسن القانونية للزواج، ورفع السن القانونية لزواج القاصرات إلى ما لا يقل عن 18 عامًا.