رئيس التحرير
عصام كامل

فساد "فاكسيرا" قضية أمن قومي

تواصلت مع الدكتور شيرين حلمي، العضو المنتدب لمجموعة فاركو الدوائية، والذي كانت له الذراع الطولى في تصنيع دواء فيروس سي، وما تبعه من تحقيق معجزة طبية أصبحت حديث العالم، والنموذج الأمثل لمواجهة غول فيروس سي، وتحقيق أرقام لم تحققها دولة أخرى على مستوى العالم.. سألته: لماذا نحن صامتون وننتظر الحلول القادمة من الخارج لمواجهة كورونا وكأن الأمر لا يعنينا؟!

 

قال الرجل بهدوئه المعهود: معك كل الحق فما يحدث في العالم الآن يطرح أمامنا العديد من الإشكاليات: منها حالة الانغلاق التي فرضتها الدول المتقدمة على نفسها، لقد آن الآوان لأن نستخدم كل طاقاتنا وإمكانياتنا على نطاق واسع من التنسيق.

 

فلدينا المعامل المركزية، ولدينا لجنة الفيروسات، ولدينا جامعات وباحثون أكفاء، وأساتذة متخصصون، بالتعاون مع شركتنا للعمل الدؤوب والجاد قبل أن ينتج لنا “الخواجة” دواءً فوق استطاعتنا الاقتصادية..

 

إنتاج مواد خام محليا

عرفت من الدكتور "شيرين" أنه يتواصل مع وزارة الصحة وعدد من المتخصصين والمراكز البحثية، ويتواصل مع الدكتور تامر عصام رئيس هيئة الدواء، للبدء في عمل جماعي، مع التركيز على إنتاج المواد الخام محليا، خصوصا وأن العالم كله يتجه للأسف الشديد إلى الانغلاق، والتسابق من أجل الوصول إلى حلول علمية قد لا نستطيع التعامل معها اقتصاديا، مع ضرورة البدء الفوري، وإيماننا بقدراتنا العلمية والبحثية على الوصول إلى نتائج حامية لنا وللعرب وللإنسانية كلها.

 

اقرأ أيضا: الندالة" شعار الأسرة الدولية في مواجهة كورونا

 

في اليوم التالي أعلن الدكتور محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة، أن فريقا بحثيا من الجامعة يعكف الآن على العمل الجاد مع إطلاقه لحكمة إنسانية مفادها أن العبادة الآن مكانها معامل البحث إنقاذا للإنسانية من خطر فيروس قاتل يهدد الجميع.

 

وعلى الرغم من قيام الدولة بكل مؤسساتها بإدارة ناجحة إلى حد كبير في هذا الملف، إلا أن الإعلان عن دور مصري علمي تأخر كثيرا، وسط حالة من التخبط بين أوساط العلماء المصريين، تم تداركها أخيرا بالحديث عن تنسيق يجرى الآن بين الجميع، من أجل المواجهة الطبية محليا، أو مشاركة العالم المتقدم في أبحاثه ودراساته في هذا المجال.

 

مؤامرة على "فاكسيرا"

ما قاله لي الدكتور شيرين حلمي، وما طرحه الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، وما يطالب به خبراء لهم وزنهم يعيد إلى الأذهان دراسة الأسباب والدوافع والمؤامرة التي حيكت ضد الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات "فاكسيرا"، هذا الصرح العلمي المصري الذي كان يمتلك مصنعين كبيرين لإنتاج الأمصال واللقاحات محليا.

 

اقرأ أيضا: صناعة الخوف والقتل بدون رصاص

بل وكانت تلك الشركة تصدر بعض الأمصال واللقاحات إلى دول العالم كله، وفجأة تسرب إليها في زمن الغفلة بعض المتآمرين الذين تبنوا شعار "شراء العبد ولا تربيته" فأغلقوا المصنعين، وتحولت الشركة الوطنية العملاقة إلى مجرد “قومسيونجي” كل همه جمع الأموال من الاستيراد.

 

نعم أغلقنا مصانعنا، وبدأنا في مرحلة التسول بالاستيراد، والبقاء تحت رحمة المصدر الأجنبي الذي لا تهمه سوى مصلحته، ومصلحة بلاده، ولكن ما هي نتيجة هذا التحول المريب على مصر والمصريين؟

 

أقول وأوجه حديثي إلى الدكتور تامر عصام رئيس هيئة الأدوية: إن مصر مهددة الآن بالفقر الشديد، لخلو الأسواق المصرية من كافة الأمصال واللقاحات التي نحتاجها في مواجهة العديد من الفيروسات، نعم حدث ذلك.

 

مخازن الأدوية خالية

خصوصا بعد إعلان الهند الانغلاق على ذاتها لمدة من الزمن، ومخازن الأدوية خالية الآن، نعم خالية تماما بعد توقف التصدير من الهند التي تعتمد عليها فاكسيرا بالإسناد المباشر لإحدى الشركات المحظوظة تحت سمع وبصر كافة مسئولي الدولة.

 

اقرأ أيضا: سقوط الإنسانية في امتحان كورونا

 

إن تحقيقا شفافا ونزيها يستبعد كافة المستفيدين من "هوس الاستيراد" سيصل بنا إلى نتائج فاضحة، فالقضية أصبحت الآن أمنا قوميا والسكوت مصيبة كبرى، والتفاصيل وما لدينا من وقائع ومستندات يؤكد أننا أمام مؤامرة كبرى حيكت ضد صحة وحياة المصريين، وسط حالة من الصمت الرسمي الغريب، وسنقدم لكافة الجهات الرسمية ما تطلبه من وقائع ومستندات تصل إلى حد الخيانة العظمى.

 

الملف متخم برائحة كريهة بدأت تطرح نفسها، بعد تداعيات انتشار فيروس كورونا وحالة العزلة والأنانية التي اجتاحت الدول التي لا تزال تملك قرارها، أما الذين باعوا ضمائرهم فمكانهم الآن يجب أن يكون خلف الأسوار!!

 

الجريدة الرسمية