في عيد الأم.. حكم قضائي ينصف أم فقدت بصرها.. ألغى قرار فصلها من العمل.. ومنحها أجازة بأجر كامل حتى بلوغها الستين
تحتفل مصر والعديد من البلدان العربية بعيد الأم بقصد تكريم الأمهات، وتقوية علاقة الأبناء بالأم ومدى تأثير الأمهات على المجتمع من خلال حسن التربية لأبنائها.
ويأتى ذلك والمجتمع يشهد بعض الجحود للأمهات وإهماله للأم التى ربت وعلمت, حتى وصل الأمر لإهمال حقوق الأم لدى بعض المديرين في كثير من الجهات الإدارية بطمس حقوقها بلا هوادة أو رحمة .
وفى وثيقة قضائية مبكية سجلتها عدسة الزمن بالفيديو تعرضت أم مصرية موظفة فقيرة في عيد الأم لأقصى درجات الجحود من مدير إدارة طبية “وكيل وزارة” حيث اتخذ قراراً أصابها بالإحباط بفصلها من الخدمة على سن 48 سنة بسبب فقدانها البصر لكثرة الأعمال الموكلة إليها.
قرار الفصل
وجاء قرار فصلها بدون أى حقوق مالية أو وظيفية, فما كان من الأم المصرية سوى اللجوء للقضاء المصرى العادل طالبةً العدل والإنصاف بعد أن فقدت وظيفتها بسبب فقدانها البصر .
دخلت السيدة إلى قاعة المحكمة بمجلس الدولة تستند على ذراع ابنها أمام القاضى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الذى نظر القضية .
وبدأت السيدة الحديث والدموع تنهمر من عينيها وسمع لها القاضى طويلاً ورغم ازدحام القاعة بالمتقاضين منحها كامل الوقت لتقص حكايتها وأنها اُصيبت بفقدان البصر على سن 48 سنة بسبب كثرة العمل المكلفة به، وأن مدير الإدارة الطبية وكيل الوزارة اتخذ قراراً ظالما بإنهاء خدمتها جعلها في الشارع وليس لها مورد رزق .
وأعطى القاضى الجهة الإدارية أسبوعاً واحداً فقط للرد على القضية ، فجاء رد المدير الإدارى أن الموظفة أصبحت عالة على العمل بعد فقدانها البصر وأنها لا تستطيع القيام بأعمالها الإدارية فأصدر القاضى، حكمه آخر الجلسة وسطر فصلاً جديداً من معانى الإنسانية.
الحكم القضائي
وجاء حكمه العادل متضمنا ثلاثة أجزاء: الأول إلغاء قرار فصلها من العمل على سن 48 ، والثانى إلزام الإدارة بصرف مرتبها كاملا من وقت فصلها حتى تاريخ صدور الحكم ، والثالث منحها أجازة استثنائية في بيتها حتى بلوغها سن الستين بأجر كامل شاملا الحوافز والبدلات والمكافاَت كما لو كانت قائمة بالعمل فعلاً ومشاركةً فيه، وهو ما اعتبرته كثير من الدوائر المهتمة بشئون حقوق الأم من التراث القضائى الإنسانى المصرى على مستوى العالم العربى .
وعقب نطق القاضى بالحكم بكت الموظفة الفقيرة، وأبكت كل من في القاعة وقالت للقاضى : " ولا مليون دكتور نفسانى كان يقدر يطلع اللى جوايا زى حكمك العادل، ربنا يكرمك زى ما فرحتنى بالعدالة يا قاضى الغلابة والمظلومين، أنا كرهت حياتى بسبب جرة قلم ظالمة وفصلونى بدون حقوق بسبب عينيا، وأنت غيرت لى حياتى وبدلتها لفرحة، أنا بدعيلك من قلبى ربنا يكرمك زى ما أنصفتنى وأعطتنى حقى وسددت ديونى".
حيثيات الحكم
وجاء فى حيثيات الحكم " إن الدوافع الإنسانية تتأبى أن تتدنى حقوق العامل المريض بمرض مزمن بعد ثبوت مرضه وزيادة حاجته إلى صنوف الرعاية عن تلك التى يتمتع بها قبل مرضه، والمرض قدر الله وحساب الموظف ينصرف فيما تمليه عليه إرادته".
وأضافت الحيثيات: " إن المشرع خص العاملين المصابين بأمراض مزمنة بعناية خاصة نظراً لما يحتاجونه من رعاية اجتماعية خلال فترة المرض الذى قد يستغرق نظراً لطبيعته أمداً طويلا، فوضع نظاماً خاصاً للاجازات المرضية التي يحصل عليها المريض بأمراض مزمنة يغاير في أسسه وقواعده نظام الإجازات العام , وطبقا لهذا النظام يمنح المريض بمرض مزمن حقاً وجوبياً في اجازة مرضية استثنائية بأجر كامل إلي أن يشفى أو تستقر حالته استقرارا يمكنه من العودة إلي العمل أو يتبين عجزه عجزاً كاملاً، وفي هذه الحالة يظل العامل في اجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الإحالة إلي المعاش".
اقرأ أيضا:
الإداري يشترط أن يكون المختصم صاحب مصلحة مباشرة في رفع الدعوى القضائية
وأضافت الحيثيات: " الثابت أن المدعية كانت تشغل وظيفة كاتبة بمديرية الصحة بالإسكندرية، وأثناء عملها أصيبت بعجز جزئي مستديم، ومرض مزمن من بين حالات الالتهابات الشبكية والارتشاحات والأنزفة الداخلية إذ قلت قوة الإبصار عن 6/36 بالعينين معاً، وثبت أن المدعية فقدت البصر بنسبة أقل من 6/36 بالعينين، ومن ثم يكون قرار الإدارة بإحالتها للمعاش على سن 48 سنة بسبب فقدان البصر قد تنكب وجه الحق ووقع مخالفاً للقانون”.
واضاف:”يتعين على القضاء إلغاء قرار الفصل ومنحها إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغها السن القانونية للمعاش بالأجر الكامل الشامل “.