أجازة إجبارية
ماذا لو أعطينا أنفسنا أجازة من النفاق والتهليل والتطبيل وإلقاء التهم ونشر الشائعات والفتي في كل شيئ؟ لن أقول تعالوا نجرب أن تتزامن أجازتنا هذه مع أجازة أبنائنا من المدارس ونلتزم مثلهم البيوت..
نبادلهم أحاديث حرمتنا منها ضغوط الحياة، نضحك ونغني ونحول محنتنا إلى منحة مثلما فعل الإيطاليون، فالوضع عندنا مختلف، فهناك من إنتهت أزمة الأمطار الغزيرة ولم تنته أزمتهم، وهناك من فقدوا ذويهم ومنازلهم..
فقط.. أقول نلتزم الصمت، وإذا قلنا فليكن خيراً لأن الوضع الراهن لا يتحمل ممارسات دأبنا عليها في سنوات سابقة.
الوضع الحالي يحتم علينا أن نضع الحكومة في ميزان عدل حتى لا يتحول حكمنا عليها إلى تحريض لا تتحمله مصر في الوقت الحالي، الحكومة أدارت الأزمة بشكل فيه إحتراف غير مسبوق، نجحت في أشياء وأخفقت في أخرى..
اقرأ ايضا: الأخطر من الإرهاب
والإثناء على ما نجحت فيه ضروري حتى لو كان هذا واجبها الطبيعي، وإنتقادها وذكر سلبياتها ضروري، فهي المسئول الأول عن إحتواء الأزمة والتعامل مع تبعاتها، هذا هو ميزان الحكم إذا أردنا إنصافاً، أما التطبيل للحكومة وغض الطرف عن السلبيات فنتيجته إحتقان في الشارع، وهي نفس النتيجة إذا سلطنا الضوء على إخفاقات الحكومة فقط في إدارة الأزمة.
تعالوا نحصل على إجازة من ترديد الشائعات التي تأتي من مصادر مجهولة وأخرى معلومة، فالجراد الذي يجتاح حدود مصر لم نر له صورة، وأسراب الناموس غريب الشكل الذي يجتاح الصعيد لم نسمع عنه إلا من قلة، وربما كان وجودهما -إن صح- نتيجة طبيعية للمتغيرات المناخية الأخيرة.
اقرأ ايضا: شاهد من أهلها
الوضع الراهن يحتم علينا تجنيب خلافاتنا السياسية ولو مؤقتا، لحين إجتياز الأزمة التي طالتنا كما طالت العالم كله، فإذا كان صراعنا على مناصب.. فالمنصب لم يعد ميزة لصاحبه، وإذا كان على فواتير يجب أن يحاسب عليها أحد.. فتأجيل الدفع صار ضرورة، لأن إستمرار الصراع يضاعف من حجم الكارثة التي تطال الجميع.
علينا ألا نعطي أذاننا لما يأتي من الخارج، فقد جربنا من قبل الجارديان والواشنطن بوست وغيرهما، وفي المقابل.. على إعلامنا أن يكف عن التقليل من حجم الأزمة، فأزمة المناخ ليست من صناعة الحكومة يا من أدمنتم التطبيل، ولا كارثة الكورونا، الحكومة مهمتها مواجهة الكوارث الطبيعية وإزالة آثارها، جربوا الصدق..فربما يعود لإعلامنا من إنصرفوا عنه وهم كثر.
اقرأ ايضا: انتبهوا الأسلحة فاسدة
تعالوا نضع مصر نصب أعيننا، فلا وطن لنا سواها، نعظم من الإيجابيات، ونشير إلى السلبيات، ونحاسب كل من يحاول إستثمار الأزمة لتحقيق مكاسب مادية أو سياسية.
تعالوا نضع في قوائم الشرف رجال الأعمال الذين يقومون بمسئولياتهم الإجتماعية تجاه وطن طالما تكسبوا منه، ونطالب من أكلوا من لحمه وجمعوا الثروات بطرق مشروعة وغير مشروعة بغسل أنفسهم وثراوتهم، فهناك قرى تحتاج إلى إعادة بنيتها التحتية..
وهناك مواطنين بحاجة إلى مأوى، وهناك حكومة بلد يعاني إقتصادياً تواجه أزمة أمطار غير مسبوقة، وأزمة كورونا، وأزمة سد النهضة، فإذا كانت مساءلة هذه الحكومة أمراً طبيعياً.. فالوقوف معها ومساندتها مسئولية.
besherhassan7@gmail.com