حضرت الربوبية والأسماء الحسني
نتحدث في هذا المقال عن أسماء الله الحسنى.. ذكرنا في مقالات سابقة أن الحق سبحانه وتعالى نسب لذاته تعالى حضرة تسمى بحضرة الربوبية، وهي الحضرة الجامعة لأسماء وصفات الله تعالى، وهي القائمة على أمر العباد والمدبرة لأمورهم وشئون حياتهم ومعايشهم، والمهيمنة على جميع عوالم الكون والمتصرفة في شئون الحياة وكل الأمور.
فبها يكون الخلق والإيجاد والمدد والإمداد والتصريف والحياة والموت والبعث والنشور.. ولقد دعانا عز وجل لعبادته ودعاءه من حيثيتها فقال تعالى: “وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ “..وقال أيضا سبحانه: “قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ”.. وعنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: “إن لله تسعة وتسعون إسما من أحصاها دخل الجنة”.. أي من آمن بها وحفظها وذكر الله تعالى بها دخل الجنة..
اقرأ ايضا: السيدة "نفيسة".. سيدة أهل العلم
ومن المعلوم أن إسم الجلالة وهو الله، هو الإسم العلم على الذات الإلهية والمشير إليها، وهو الإسم الجامع للأسماء وكلها متصلة به، بمعني أنه الإسم الذي تضاف إليه كل الأسماء. مثال ذلك، الله الرحمن، الله الرحيم، الله الملك، الله القدوس.. وهكذا بالنسبة لسائر الأسماء..
هذا وقد أبطن الله تعالى صفاته في أسماءه، فالأسماء تشير إلى حضرة المسمى، والصفات تتعلق بوصف المسمى سبحانه مثال ذلك الإسم الرحمن والصفة المبطونة فيه الرحمة الإلهية، وهكذا بالنسبة إلى جميع الأسماء مبطون فيها صفات المسمى سبحانه..
هذا وفي الحقيقة أن أسماء الله الحسنى لا تعد ولا تحصى، والدليل على ذلك قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله في دعاءه.. “اللهم إني عبدك وإبن عبدك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاءك أسألك بكل إسم هو لك سميت به نفسك. أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو إستأثرت به في علم الغيب عندك”..
اقرأ ايضا: الذين يحبهم الله
ومن هذا الدعاء نعرف أن هناك أسماء ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، وان هناك أسماء لله تعالى خص بها من شاء من عبادة من أهل محبته وولايته، ومنهم من أشرق الله عز وجل على قلبه بأنوار الأسماء ومنحه علوم ومعارف وأسرار وأنوار.. ومنهم من أشرق على قلبه بأنوار الصفات، وهم أرقى من أهل ولاية الأسماء..
وهناك قلة قليلة من أهل ولايته ومحبته عز وجل الذين إرتقى بهم سبحانه عن دوائر الأسماء والصفات وإصطفاهم لنفسه سبحانه، وهم الذين أشار إليهم بقوله في خطابه لسيدنا موسى عليه السلام: “وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِى”.. وقوله: “وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي”..
وهم الذوات من أهل الولاية الذين إستخلصهم وإصطفاهم له تعالى.. نعود إلى الحديث.. وهناك أسماء لله تعالى إستأثر بها سبحانه في علم الغيب عنده، أعتقد أن الذي خص بها من جميع الخلق هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله، والدليل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أشار إليها ولا يشار إلى مجهول، فالإشارة لا تكن إلا لمعلوم..