مفتي الجمهورية الأسبق: السياسة النقدية وفقا للشريعة الإسلامية.. والعبد: مصر فوق الشبهات
استكملت لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، برئاسة الدكتور أسامة العبد، مناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية.
شارك في اجتماع اليوم الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق، والدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية الحالي، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، لحسم ما يتعلق بمسألة فتح حسابات تجارية لدى البنوك الأخرى الخاضعة لإشراف البنك المركزي.
وتم التوافق خلال الاجتماع على أن المعاملات في البنوك المصرية الوطنية تتم وفقا للشريعة الإسلامية.
وتنص المادة رقم (15) من مشروع القانون: "يكون للهيئة حساب خاص لدى البنك المركزي، كما يكون لها الحق في فتح حسابات تجارية لدى البنوك الأخرى الخاضعة لإشراف البنك المركزي، وذلك بعد موافقة وزارة المالية.
وشهد الاجتماع اقتراحا من الدكتور محمد إسماعيل جاد الله، عضو اللجنة، ونائب حزب النور بإنشاء بنك وقفي أو التعامل مع بنك إسلامي في إدارة أموال الوقف، وهو ما اعترض عليه الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة، وأيده باقي أعضاء اللجنة، في أن مثل هذا الأمر يثير فتنة في الأمة، ويعطي إشارات بأن التعامل مع البنوك الأخرى أمر غير شرعي.
وقال "العبد": "ولذلك تم الاستعانة بكل من المفتي الحالي والمفتي السابق لسماع الرأي الشرعي والحاسم للجدل في هذا الأمر، ولوقف الباب أمام أي فتنة".
وأكد أسامة العبد، أن مصر دولة فوق الشبهات ولها مكانة ولديها علماء ولها دستور يؤكد وينص على أن كافة التشريعات تخرج من رحم الشريعة الإسلامية، وأن السياسة النقدية يتم وضعها من خلال البنك المركزي، والذي صدر قانونه وفقا للدستور المصري، وينص علي أن أموال المودعين للاستثمار والتنمية، ولذلك فهي حلال.
من جانبه، قال الدكتور نصر فريد واصل، المفتي الأسبق: إنه أحد المهتمين بهذا الملف، وله أبحاث عديدة، متابعا: "خلاصة القول في هذا الأمر هو أن مسألة السياسة النقدية للدولة المصرية تأتي في إطار مبادئ الشريعة الإسلامية، ووفقا لنصوص الدستور، ووفقا لأحكام الشريعة، وأصل التشريع يعود لمبادئ الشريعة".
وتابع "واصل": "تعاملات البنوك والمعاملات فيها تأتي في إطار أعمال التنمية والاستثمار وتنمية رأس المال والمحافظة عليه، وهذا الأمر شرعي تماما، فالبنوك الوطنية بمختلف أسمائها تعمل في مجالات الاستثمار والتنمية والأعمال التي تتوافق مع الشرع، والسياسة النقدية الآن هي قيمية وليست مثلية، أي إن الأوراق المالية ليس لها ما يعادلها من الذهب، ولذلك فالحكم للسياسة النقدية يعود للبنك المركزي، لأن هناك نسب تضخم، ولذلك يتم مراجعة السياسة النقدية كل فترة زمنية، وتتغير نسب الفائدة، وهذا ما يؤكد أن العمل في الأمور الاستثمارية والتنموية، والبنك المركزي هو صاحب تحديد القيمة بناء علي نسب التضخم".
وأضاف أن النقود المثلية ثابتة لا تتغير وتنميتها ووزنها ثابت ولا تتغير في كل زمان ومكان وليس بها نسب تضخم، ولكن النقود القيمية تتغير، "ونحن الآن نتعامل بالنقود القيمية التي تتغير بالزمان والمكان وبها نسب تضخم، ولذلك خلاصة القول أن التعاملات البنكية بعيدة كل البعد عن التعاملات الربوية وليس بها شبهة من ربا، وأن الفائدة البنكية لا تمثل ربا أو زيادة، وأن البنوك المركزية قامت بعمل ذلك للحفاظ علي أصل النقد حتي لا يتآكل أو يتلاشي، وأن الفائدة تكون طبقا للتضخم.
من جانبه، قال الدكتور شوقي علام مفتى الجمهورية: "إننا الآن في ظل الدولة المصرية دولة المؤسسات، ولدينا سلطة تشريعية تشرع القوانين، والاختصاصات موزعة على السلطات وفقا للدستور، وأتحفظ علي وصف البنوك التقليدية علي أنها بنوك ربوية، لأن هذا يؤدي لخلل فقهي وشرعي.
وأضاف أن الفتوي تتغير بتغير الزمن والمكان والشخص، متابعا: "عندما ننظر في الظروف والمتغيرات والزمن نجد تغير، ولابد أيضا أن تتواكب الفتوي مع هذ التغير وإلا سنصبح جامدين".
وتابع "علام": الفتوى تمر بـ 3 مراحل، الأولى فهم ووصف البنك ودوره والإحاطة الكاملة به من خلال علمي الخاص أو سؤال المتخصصين، ثم تأتى مرحلة تكيف المعاملة ثم الحكم عليها، وهذا ما أكد أن أموال البنوك تدار بطريقة استثمارية، وأكد على أن جميع البنوك في مصر حتي ما يسمي منها البنوك الإسلامية، لا يمكن أن تخرج عن السياسة النقدية المحددة من البنك المركزي.
وقال إن هناك أبحاث قيمت البنوك الإسلامية بأنها أغرقت السوق ولم تساعد علي إنتاج وتؤدى إلى إغراق استهلاكى، أما البنوك الوطنية كانت أكثر جرأة وشجاعة في هذه التمويلات.
وأضاف أن القرض في المعاملات الفردية بين الأشخاص ليس موضوعا للربح، إنما للإعانة والمساعدة، أما البنك فالعلاقة فيه ليس فيها ثواب أو خير، لأنها معاملات مؤسسية لا علاقة لها بفكرة القرض، لذلك لا توجد بها شبهة ربا إذا نظرنا إليها كعملية استثمارية، مشيرا إلى أنه لا يوجد نص صريح يمنع تحديد نسب الفائدة.
فيما هاجم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الجماعات الدينية المتشددة والمتطرفة، قائلا: وصل بهم الأمر إلى فهم أن من يحرم أكثر هو من يفهم أكثر، وهذا قمة الجهل".
وقال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن من يرفع الخلاف هو رأى الحاكم وليس رأى العالم، فلو البلد كلها علماء وتمسك كل برأيه فلم نجد من يرفع الخلاف، ولن ينصلح حال البلاد والعباد إلا عن طريق الحاكم.
وأشار الوزير، إلى أن مفهوم ولى الأمر اختلف عن العصر القديم، قائلا: "ولى الأمر هو رئيس الجمهورية، ولكن هناك ولاة أمر فرعية مثل السلطة التشريعية، فهى ولى الأمر نيابة عن الحاكم، وكذلك المفتى ينوب عن الحاكم فى شئون الفتوى، ولا يوجد عالم تبوأ منصب أم لا مستعد أن يبيع دينه بالدنيا، وليه ولمين".
وتابع الوزير: "ورثنا للأسف موروثات خاطئة في التسعينات لما كان من بين أبنائنا من ييترك الطب ويبيع سواك أمام المساجد، تعلم الطب لا يقل ثواب عن الفقه، العبرة بما يخدم البلاد والعباد، الأمر وصل إنهم قفلوا كل شئ، متروحش القضاء دا بيحكم بقوانين وضعية، ومتروحش البنوك فيها ربا".
وأضاف "جمعة"، أن القوانين التي يصدرها مجلس النواب قوانين شرعية طالما لم تحرم حلالا ولم تحلل حراما، قائلا: "لو اللجنة دي مش عايزة الحلال وما يرضي الله مكنتش جابت اتنين علماء وحريصة على أن يتوافق القانون مع ما أنزل الله، ومفيش عالم يبيع دينه بدنياه، ويجي الواحد منهم يقولك احكم بما أنزل الله، طيب تعالي عرفنا ازاي، هو لا يفهم اقتصاد ولا قانون وبيتكلم وخلاص".