رئيس التحرير
عصام كامل

عالم مصري: لا يمكن التنبؤ بنهاية لـ"فيروس كورونا المستجد"

الدكتور إسلام حسين
الدكتور إسلام حسين الخبير المتخصص في علم الفيروسات

قال الدكتور إسلام حسين –الخبير المتخصص في علم الفيروسات، والباحث السابق بقسم الهندسة البيولوجية في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT إن "فيروس كورونا المستجد (nCoV-2019) ينتمي إلى عائلة كبيرة من الفيروسات التاجية التي اكتسبت اسمها من شكل البروتينات الخارجية المحيطة بالفيروس والتي تضم عائلة كبيرة منها ما يعدي الحيوانات؛ ومنها ما يعيش مع العائل الطبيعي؛ ومنها أعداد أخرى تكيفت مع الخفافيش وتتعايش معها دون أن تنقل لها أي أمراض".

جاء ذلك خلال استضافته في مجلة "للعلم"، الطبعة العربية من مجلة "ساينتيفيك أمريكان" وأحد إصدارات "سبرينجر نيتشر" والتي تعد شريكًا استراتيجيًّا لمبادرة بنك المعرفة المصري، للتعرف على أحدث التطورات حول فيروس كورونا المستجد (nCoV-2019)،  والذي صنفته منظمة الصحة العالمية باعتباره "حالة طوارئ عامة تستدعي قلقا دوليًّا".

واستهدف اللقاء، الذي ضم عددا من الصحفيين المتخصصين في الشؤون العلمية بعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية المصرية والعربية- التعرف على كيفية احتواء الفيروس من خلال كسر سلاسل انتقاله، والمعايير التي يتم على أساسها تصنيف المرض على أنه "وباء"، ومدى صدق الشائعات التي تعاملت مع انتشار الفيروس في إطار "نظرية المؤامرة"، والعوائق التي تقف أمام إنتاج الشركات العالمية لتطعيمات للوقاية من الإصابة به وإنتاج مضادات للفيروس تساعد على علاج المصابين؛ والخطوات الاحترازية التي ينبغي على السلطات الصحية المحلية في البلدان المختلفة اتخاذها لاحتواء "فاشية" الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19؛ وكذلك الخطوات الصحية البدائية التي يمكن للشخص اتباعها كنوع من حماية الشخص لنفسه وللمحيطين به من الإصابة بالعدوى.

وحول احتمالات وقوع طفرة جديدة في هذا الفيروس وعواقب ذلك على المستوى العالمي، يقول "حسين": "إن هذا الاحتمال قائم خاصة أن معدل التطور في الفيروسات عالٍ جدا؛ وكل خلية تتعرض للعدوى قد ينتج عنها ملايين الفيروسات، وكل فيروس جديد يمثل طفرة تعكس مدى التنوع الذي يمكن أن يحدث من خلال خلية واحدة؛ لكن  تطور الطفرات ليس أمرا سهلا حيث إن احتمالات وقوعه ضعيفة جدا".

 

 

وحول اكتفاء منظمة الصحة العالمية بوصف الفيروس باعتباره "فاشية" وعدم إعلانها عنه باعتباره "وباءًّ"، أكد أن  "مصطلح الفاشية يشير إلى تواجد مصدر المرض في بؤرة رئيسية؛ بينما يشير مصطلح الوباء إلى انتشار محلي للفيروس لا يرتبط بالسفر وأن ينتشر المرض في دولتين أو أكثر علاوة على الدولة الرئيسية التي ينتشر بها المرض"، موضحا أنه "سيتم على الأغلب الإعلان عن الفيروس باعتباره وباء في ظل انتشاره في كوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا إضافة إلى الصين".

وأوضح "حسين" أنه خلال الـ20 عاما الماضية، كان لدينا أربعة انواع متوطنة من تلك الفيروسات لدى البشر؛ وجميعها لا تؤدي سوى إلى الإصابة بنزلات البرد؛ وتعود جميع تلك الأنواع إلى مرحلة ما قبل ظهور فيروس "سارس"؛ ففي عام 2002، تغيرت الصورة "المسالمة" لتلك الفيروسات حيث بدأت بعض عناصر تلك العائلة الفيروسية القفز من الحيوان إلى الإنسان؛ ما اثار مشكلات بدأت مع "سارس" ثم "ميرس".

يفسر "حسين" عملية الانتقال تلك قائلا: كانت بداية ظهور "سارس" مع الخفافيش، ثم انتقلت إلى عوائل وسيطة تشبه القطط يتم تناولها في الصين؛ أما "ميرس"، فلعبت الجمال دور العائل الوسيط؛ حيث ظهرت أول حالة للإصابة به في الأردن؛ وكان المصاب يقوم بتربية الجمال في بيت به نخيل يحمل عششا للخفافيش؛ ما أدى لانتقال الفيروس من الخفافيش إلى الجمال، ومنها إلى الإنسان؛ وكان مصدر الخطورة هنا الجمع بين الإنسان والحيوانات البرية في مكان واحد.

 

 

وفيما يتعلق بفيروس كورونا المستجد، يقول "حسين": "إن المشتبه الرئيسي في نقل المرض هو حيوان آكل النمل؛ والتي تستخدم في الصين كجزء من وسائل العلاج الشعبي في حالات الأمراض الجلدية وامراض المفاصل؛ ويواجه هذا النوع من الحيوانات خطر الانقراض بصورة دفعت السلطات هناك إلى شن حملات لمطاردة من يتاجرون فيه؛ وتتغذى هذه الحيوانات على فضلات الخفافيش بصورة تجعلها عاملا لنقل المرض إلى الإنسان؛ حتى إن دراسات سابقة أجريت على فيروسي سارس و"ميرس" أظهرت وجود قواسم مشتركة في التركيب الجيني تقدر بـ50% بالنسبة لفيروس ميرس؛ فيما يتطابق تسلسل مجموع التركيب الجيني المأخوذ من مرضى "سارس" التسلسل الجيني للفيروس في الخفافيش بنسبة تقدر بـ96%".

ويشير "حسين" إلى أن "البلدان المقدمة تتبع إجراءات الأمان الحيوي القصوى والتي تساعد من يعملون بصناعات تربية الحيوانات لأهداف زراعية وغذائية في الحصول على إجراءات احترازية مشددة باعتبارهم الخط الأول فيما يتعلق باحتمالات التعرض لانتقال العدوى؛ كما يحصل العاملين بتلك الصناعات على تطعيمات خاصة بهم لتقليل احتمالات تعرضهم للعدوى.

وفيما يتعلق بإعلان منظمة الصحة العالمية عن أن هناك أكثر من 20 لقاحا يجري العمل على تطويرها عالميا، أشار "حسين" إلى أنه على دراية بالفعل بأن هناك شركتين –على الأقل- تعملان على إنتاج لقاحين، مضيفا "لكن من المبكر الحديث عن ذلك؛ والأمر يحتاج إلى فترة ليست بالقصيرة لتأكيد مثل هذا الأمر".

وفيما يتعلق باحتمالات إنتاج دواء، قال: لا يوجد علاج للمرض حتى الآن؛ وشركات تصنيع الدواء والتطعيمات ومضادات الفيروسات تهتم بالاستثمار في الدواء باعتباره صناعة؛ ومن المهم أن يكون هناك تدخل من جانب السلطات الصحية المحلية بما يضمن الإسراع في هذا المجال والإعلان عن وجود عقاقير للمرض هو عبارة عن محاولات للاستفادة من أدوية أخرى كانت تستخدم لعلاج أمراض أخرى؛ مثل عقار الـ"كلوروكوين" والذي كان يستخدم في علاج الملاريا"؛ والأمر نفسه بالنسبة لعقار التاميفلو والذي نال شهرة واسعة في أثناء انفلونزا الخنازير"، مشددا على أن "البلدان الفقيرة تمتلك الأدوات التي تساعدها على التشخيص المعملي للحالات المشتبه في إصابتها".

ويقدر "حسين" مدة بقاء فيروس كورونا المستجد على الأسطح بفترة تتراوح بين 4 إلى 6 أيام؛ وقد تصل إلى 9 أيام، مرجعا زيادة احتمالات الوفاة من جراء الفيروس بالنسبة للمرضى بأمراض القلب والسكري إلى أن "الإصابة بالفيروس تزيد لدى من يعانون مشكلات في الجهاز المناعي ومن يتعاطون أدوية الكورتيزون؛ كما أن حالات الوفاة بين المصابين بالفيروس من الرجال في الصين تزيد عن النساء بمقدار الضعف بسبب زيادة معدلات التدخين بين الرجال مقارنة بالنساء". 

وفيما يتعلق باحتمالات وجود مؤامرة تربط بين انتشار الفيروس وما يعرف بـ"الحروب الناعمة"، يرى "حسين" أنه من الصعب جدا التعامل مع مثل هذه الأمور بنظرية المؤامرة، مشيرا إلى أن "فيروس سارس –على سبيل المثال- كلف الإنسانية مليارات الدولارات بسبب تأثيراته على الشحن والطيران وحركة النقل والسياحة وكافة النواحي الاقتصادية في العالم كله وليس مكانا محددا دون غيره"، مشددا على أن "كل ما يثار عن التجارب الأمريكية بشأن كورونا يدخل في إطار المساعي الأمريكية التي امتدت طوال السنوات الماضية بهدف مكافحة تلك العائلة الكبيرة من الفيروسات التاجية".

وشدد "حسين" على أهمية دعوة كافة البلدان إلى تثقيف شعوبها وتكثيف رقابتها لاكتشاف كل حالة وعزلها وتقديم الرعاية لها، بما يضمن حماية كل فرد بحماية نفسه والآخرين من حوله من خلال الحرص على غسل اليدين بشكل منتظم بفركهما بمطهر كحولي أو بغسلهما بالماء والصابون، والمواظبة على تنظيف الأسطح بمحلول معقم، مثلا منضدة المطبخ ومكاتب العمل واستخدام المناديل في حالة العطس أو السعال.

الجريدة الرسمية