"كورونا" يعطل شعائر الله.. السعودية تعلِّق تأشيرات العمرة.. مخاوف حول مصير موسم الحج.. والأزهر ودار الإفتاء يشيدان بالقرار: يتفق مع أحكام الشريعة
أثار إعلان السلطات السعودية تعليق رحلات العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف، مؤقتًا بسبب انتشار فيروس كورونا ودور التجمعات البشرية في زيادة انتشار الوباء، حالة من الجدل والتساؤلات خاصة في الوسط الديني في ظل وجود مخاوف من صدور قرار بمنع موسم الحج لهذا العام بسبب انتشار فيروس كورونا.
رد الأزهر
وتعليقًا على قرار السلطات السعودية أكد الأزهر الشريف أنه تابع ببالغ القلق، الأخبار المتعلقة بانتشار فيروس "كورونا" وتسببه في وفاة الكثيرين حول العالم، وما أعقب ذلك من اتخاذ العديد من الدول إجراءات احترازية للوقاية من هذا الوباء الخطير.
وأوضح أن الإسلام حث على دفع الضرر وأمَرَ باتخاذ التدابير والاحتياطات لمنع انتشار الأمراض والأوبئة، وأن موقف المملكة العربية السعودية جائز ومشروع ومأجور، بل هو واجب شرعًا لحفظ النفس، الذي هو أحد مقاصد الشريعة الإسلامية الذي تدور حوله الأحكام الجزئية والفرعية حمايةً للناس وللمجتمعات.
وتابع: ”الأزهر إذ يؤيد هذه الإجراءات الوقائية الاستباقية التي تتخذها المملكة لمنع تفشي الأوبئة بين المسلمين الراغبين في أداء الشعائر الدينية من عمرة أو زيارة للمقدسات الإسلامية، فإنه يدعو الجميع إلى توخي الحذر واتباع كافة التعليمات الوقائية التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة في كل دول العالم، كما ينصح جميع المسؤولين باتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على صحة المواطنين ومنع تفشي هذا الوباء وهي مسؤولية وضرورة دينية لا يجوز التهاون فيها.
إشادة الإفتاء
وفي نفس السياق قالت دار الإفتاء المصرية: إن قرار سلطات المملكة العربية السعودية بالتعليق المؤقت لمنح تأشيرات العمرة وزيارة الحرم النبوي الشريف لمواجهة انتشار فيروس كورونا يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية للحفاظ على أرواح وسلامة المعتمرين وضيوف الرحمن.
وأشادت الدار - في بيان أصدرته أمس الخميس - بجهود المملكة العربية السعودية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في خدمة ضيوف الرحمن الذين يفدون إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج والعمرة، مشيرة إلى أن سلطات المملكة لا تدخر جهدًا في توفير كافة سبل الراحة وتذليل الصعاب التي تواجه ضيوف الرحمن.
وقالت الدار: "نؤيد وندعم بكل قوة مواقف المملكة وحرصها الشديد على أمن واستقرار المشاعر الدينية وكل ما تتخذه من إجراءات لضمان تحقيق ذلك، وسعيها الدؤوب للحفاظ على أرواح المعتمرين وضيوف الرحمن"، ولفتت النظر إلى أن قرار التعليق المؤقت لمنح تأشيرات العمرة وزيارة الحرم النبوي الشريف يأتي استنادًا للقاعدة الفقهية "درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح".
ودعت دار الإفتاء المصرية جميع دول العالم إلى التعاون والتكاتف التام لمواجهة هذا الوباء الخطير، والعمل على مواجهته في أسرع وقت ممكن، وتوجهت بالدعاء إلى المولى عز وجل أن يحفظ البلاد والعباد وأن تنعم البشرية جمعاء بالأمن والسلام والاستقرار.
كل ما تريد معرفته عن قرار السعودية بشأن العمرة
سند فقهي
من جانبه قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن قرار سلطات المملكة العربية السعودية بالتعليق المؤقت لمنح تأشيرات العمرة وزيارة الحرم النبوي الشريف لمواجهة انتشار فيروس كورونا، صحيح فقهي وله سند شرعي، وأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَمِعْتُمْ بالطَّاعُونِ بأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوها، وَإِذَا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا"، وهنا الكورونا تتشابه بالطاعون، فقرار الملكة العربية السعودية بمنزلة تدابير وقائية احترازية.
واستشهد “كريمة”، بما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ"، مضيفًا أنه من الطبيعي أن تقدر السعودية الموقف والقاعدة الفقهية تقول “درء المفاسد مقدَّم عن جلب المصالح”، فالمحافظة على النفوس هو المقصد الأول والأكبر في الشريعة الإسلامية، فقال تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا".
أما بالنسبة لاحتمالية تعليق منح تأشيرات الحج لهذا العام، فقال كريمة: ”إن هذا القرار لم يعد بفتوى فردية وإنما يحتاج لقرار مؤسسي جماعي من أئمة العلم للمرجعيات الإسلامية المعتمدة، وهناك مؤسسات معنية تقدِّر الموقف بالمملكة العربية السعودية، مثلًا مجمع الفقه الإسلامي، منظمة المؤتمرالإسلامي، الأزهر الشريف، إنما لن تكون بفتوى فردية لأي إنسان.