المصريون ووفاة مبارك
لو كنت مسئولًا عن مركز للدراسات والأبحاث اليوم لكلفت مجموعة من الباحثين بإعداد دراسة حول ردود فعل المصريين، عندما تلقوا خبر وفاة الرئيس الأسبق حسنى مبارك..
وكنت سوف أطالبهم بأن تشمل هذه الدراسة تحليل مضمون موضوعى لكل ما قيل على مواقع التواصل الاجتماعى حول مبارك، سواء كان قدحا أو مدحا أو خليطا بين القدح والمدح، وأيضا ما قيل عن الجنازة العسكرية التى شارك فيها رئيس الجمهورية وكبار رجال الدولة.
وقرار إعلان الدولة الحداد لثلاثة أيام عليه تنكس فيها الأعلام وترتدى فيها مذيعات التليفزيون الملابس السوداء وتظلل شاشات الفضائيات بخط أسود، سواء كان ما قيل إشادة بذلك وترحيبا به أو رفضا له.. مع تمديد الوزن النسبى لما قيل على هذا الجانب أو ما قيل على الجانب الآخر المناقض له تماما.
وكنت سأطالب الباحثين الذين كلفتهم بهذه الدراسة بأن يصمموا ورقة استبيان حول موقف المصريين تجاه الوفاة وتجاه ما قامت به الدولة بعد الوفاة، وذلك لاستكمال ما نشر من مواقف على مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة وأنه لا يمكن الاكتفاء بما ينشر على هذه المواقع للتوصل إلى حقيقة موقف المصريين تجاه أى أمر أو قضية أو شخص أو حدث ما، فهناك مصريون لا يتعاملون إلكترونيًّا، وهناك من له مكانا فى مواقع التواصل الاجتماعى وآثروا عدم الحديث عن وفاة مبارك وتعامل الدولة معها.
كذلك كنت سأطالب الباحثين بألا يكتفوا فى دراستهم بالرصد فقط، وإنما يقومون بتقديم تحليل شامل من جانبهم وصياغة نتائج هذا التحليل ليحددوا بدقة وموضوعية المواقف الغالبة تجاه وفاة مبارك، وما تلى الوفاة من تداعيات، بعيدا عن الهوى السياسى أو المواقف المسبقة لكل منهم تجاه الرئيس الأسبق.
فأنا أتوقع أن تقدم لنا جميعا هذه الدراسة الكثير، سواء من يحكمون أو من ينقسمون تجاههم ما بين مؤيد ومعارض، أو من يكتفون بمتابعة ما يحدث ويدور على أرض مصر..
سوف تقدم لنا هذه الدراسة حقيقة موقف المصريين، أو بالأصح غالبيتهم تجاه مبارك بعد تسعة أعوام من تنحيه عن الحكم فى فبراير ٢٠١١ على أثر انتفاضة ٢٥ يناير، وأسباب هذا الموقف، وهل هذه الأسباب أسهمت فى صياغة التطورات التى شهدتها البلاد خلال هذه السنوات، أم أن موقف المصريين من الموت له تأثير فى هذا الصدد، وحجم ومساحة هذا التأثير؟
باختصار هذه الدراسة سوف تفيدنا جميعا سياسيا.. فهل يتصدى لها مركز أبحاث معتبر من المراكز المهتمة بالبحث؟