قانون الجنسية يفجر صراعا جديدا بين الهندوس والمسلمين
شهدت العاصمة الهندية نيودلهي، أمس الأربعاء، أعنف أعمال شغب شهدتها البلاد منذ عقود، حيث اشتبك المواطنون الهندوس مع المسلمين خلال الثلاثة أيام الماضية، ما أسفر عن مقتل 27 شخصا وإصابة 189 آخرين، علي خلفية إقرار الحكومة لـ"قانون الجنسية".
كما أشارت العديد من التقارير إلى استهداف منازل وعائلات المواطنين المسلمين من قبل الهندوس، بعد أن اندلعت الاشتباكات منذ يوم الأحد الماضي بين المؤيدين والمعارضين لقانون الجنسية المثير للجدل والذي أقره البرلمان الهندي، وهو قانون معني بإعطاء الجنسية الهندية للمهاجرين غير الشرعيين من عدة دول، ويتضمن القانون بندا يحظر إعطاء الجنسية للمهاجرين المسلمين.
قانون الجنسية
صادق البرلمان الهندي علي القانون يوم 11 ديسمبر الماضي، ويمثل تمييزا ضد المسلمين ويهدد القيم العلمانية الهندية، حيث إنه جعل الدين أساسا للمواطنة، ويهدف القانون إلى تسهيل الحصول على الجنسية الهندية بالنسبة للأقليات غير المسلمة التي جاءت من أفغانستان وبنجلاديش وباكستان واستقرت في الهند قبل عام 2015.
يتيح القانون الجنسية الهندية للبوذيين والمسيحيين والهندوس والجينيين والبارسيين والسيخ، مع استثناء المسلمين من المهاجرين الوافدين من البلدان المذكورة، ويرى المراقبون أن القانون جزء من برنامج رئيس الوزراء القومي الهندوسي "نارندا مودي" لإعادة تشكيل الهند كأمة هندوسية، والسعي لتثبيت نظام عرقي يهدف إلى منح التفوق للهندوس، وإقصاء المسلمين البالغ عددهم 180 مليون نسمة من أصل 1.3 مليار نسمة.
الاشتباكات الأخيرة
منذ إقرار القانون، وتمتلئ الشوارع بالمتظاهرين والمحتجين، خاصة عقب صلاة الجمعة من كل أسبوع، ولكن شهدت الأيام القليلة الماضية العديد من التوترات والتصعيدات المقلقة، حيث انتشرت الصور ومقاطع الفيديو المخيفة، أظهرت اعتداء المواطنين الهندوس على المسلمين.
واحتشدت مجموعات من الهندوس وهي تحمل العصي والقضبان الحديدية والأحجار، للتعدي على المواطنين المسلمين، بعد أن دخلت العديد من المناطق التابعة لهم للاعتداء عليهم داخل منازلهم، ما أسفر عن مقتل 27 من الطرفين، بالإضافة إلى ضابط شرطة، وإصابة 189 آخرين.
ارتفاع حصيلة أعمال عنف بين مسلمين وهندوس في الهند إلى 17 قتيلاً | صور
أسباب التصعيدات الأخيرة
بدأ الأمر بعد أن أطلق زعيم حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم، كابيل ميشرا، التهديدات ضد المتظاهرين المسلمين المعارضين لقانون الجنسية، كما قاد مسيرة في منطقة "جفراباد" يوم الأحد الماضي، وطالب من الناس دعمه والنزول إلى الشارع، بالإضافة إلى إمهال شرطة المدينة بأن أمامهم ثلاثة أيام لتطهير مواقع الاحتجاج، محذرا من عواقب فشلهم في ذلك، ثم ظهرت التقارير الأولى عن بدأ الاشتباكات في وقت لاحق من ذلك اليوم.
وقالت محكمة دلهي العليا، والتي تستمع إلى التماسات بشأن العنف، إنها لا تستطيع أن تدع عام 1984 آخر يتكرر تحت مراقبتها، مشيرة إلى أنه في عام 1984 تم قتل أكثر من 3000 مواطن سيخي في أعمال شغب ضد السيخ في المدينة، بينما قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم الأربعاء، بعد ثلاثة أيام من اندلاع العنف: "استعرضت الأوضاع الجديد، واستعملت العناصر الشرطية على استعادة الحياة الطبيعية".
الحكومة "شاهد مشفش حاجة"
تكثف الشرطة من وجودها في المناطق المتأثرة، كما تم نشر قوات شبه عسكرية في محاولة للحفاظ على السلام، وقال مستشار الأمن القومي "أجيت دوفال": "هناك قوات كافية على الأرض، لا يجب على المواطنين الشعور بالخوف، يجب أن تثقوا بالزي الرسمي للشرطة".
ولكن السلطات الهندية والشرطة، واجهت موجة من الانتقادات والاتهامات بالتورط في حوادث العنف الأخيرة، حيث أن الشرطة لم تفعل ما يكفي لمساعدة الذين يتعرضون للهجوم، بالإضافة إلى اتهام شرطة دلهي بأنها تعاني نقص الاستعداد وعدد الأفراد.
من المتوقع أن يجتمع مجلس الوزراء في وقت لاحق لمراجعة الوضع، بعد أن ترأس وزير الداخلية الهندي اميت شاه، اجتماعا مع مسئولي ورجال شرطة مساء الثلاثاء الماضي.