كيف استغل الإخوان "مبارك" في تمكين مشروعهم الديني ؟ .. شيطنوا الشراكة المصرية الأمريكية ..وخلقوا وهم استمرار الرئيس بأوامر غربية
على مدار ثلاثة عقود، نجحت جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها من الإسلاميين، في استغلال الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي فارق الحياة اليوم، في تمرير أجندتها المتطرفة، ليس في المنطقة وحدها ولكن في العالم أجمع، بداية من توليه السلطة عام 1981 في أعقاب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، ورغبة خلفه في تهدئة الأمور مع تيار ديني، أصبح بحكم الواقع، يحتاج إلى لغة جديدة في التعامل معه.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل كانت لغة مبارك مناسبة في التعامل مع الإخوان ؟
شيطنة الشراكة المصرية الأمريكية
استغل الإخوان منذ نهاية السبعينيات، المعارضة الشعبية للمشروع الأمريكي لإحلال السلام في المنطقة، ولعبوا على شيطنة الشراكة المصرية الأمريكية بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكانت فرصة مهيئة لهم، لطرح مشروع ديني بديل، يخلق هوية دينية على مقاسهم، مقابل سحق الهوية الوطنية المصرية.
هل يشكل الإخوان خطورة على المسلمين في الغرب؟
استفاد التنظيم من المناخ المعقد الذي خلقه نظام مبارك، وأقره في التعامل مع الإخوان، حيث سمح لهم بالعمل وافتراس المجتمع من جميعات أهلية، ونقابات، مرورا بكافة التجمعات التي يمكن أن تطالها أنياب الجماعة، مقابل عدم الاعتراف بها سياسيًا، على أن يستخدمهم في الوقت المناسب كمساحيق تجميل سياسية، وتمرير بعض المقاعد لهم في الانتخابات البرلمانية، كلما علا صوت الغرب في المطالبة بالديمقراطية بالشرق الأوسط والبلدان العربية.
استغلال الأزمات الإقليمية
بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، استغل الإخون حالة الحراك في مصر، التي تزايدت بشكل غير مسبوق خلال العقد الأخير من حكم مبارك، ولعبت على تأجيج المشاعر الدينية في التعامل مع كل القضايا الإقليمية، مثل حرب العراق عام 2003، والحرب بين لبنان وإسرائيل عام 2006، والعدوان على غزة 2008-2009.
كانت هذه الأزمات فرصة كبرى للإخوان، وخاصة مع غياب المشروع الوطني والسياسي للدولة المصرية خلال حكم مبارك، لترويج أفكارها الدينية، التي جعلت منها القوة الوحيدة، التي تربط السياسة الخارجية بالقضايا الداخلية.
وحتى تمكن مشروعها السياسي، لجأت إلى اللعب على صراع مبارك مع المعارضة المصرية، وتعاونت معها لكسب شرعية سياسية وبريق اجتماعي في الشارع، ومع الوقت أصبح التنظيم عضوا في كل المجموعات السياسية المناهضة لحكم مبارك، وخاصة التي تشكلت في نهاية العقد الأخير له، مثل حركتي كفاية و6 أبريل.
الطعن في ولاء مبارك
نجح الإخوان في خلق معركة تطعن في ولاء الرئيس الراحل لمصر، وانتهت بشيطنة حسني مبارك، بعدما خلقت صورة ذهنية في المجتمع، تربط بين استمراره في الحكم، وبين حماية المصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة، مما قضى على شعبيته تماما.
بعد اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011، وإسقاط حكم مبارك، حصد الإخوان ثمار مجهوداتهم خلال ثلاثة عقود، حيث أصبحت الأرض ممهدة تماما للتنظيم باعتباره القوة السياسية الوحيدة المنظمة، القادرة على تولي حكم البلاد.
مررت الجماعة مخططاتها، ونجحت في تولي السلطة عام 2012، وهي اللحظة التي عملت من أجلها منذ نشأتها في عشرينات القرن الماضي، ولكنها لم تنجح في إخفاء توجهاتها الاستبدادية، فسقطت بسرعة الصاروخ بعد عام واحد فقط، أظهرت فيه للعالم بأكمله، خطورة تكمين بدائل دينية للمشروع الوطني.
الدروس المستفادة
يمكن القول إن الدروس المستفادة من حكم مبارك، تؤكد فشل سياسات الرئيس الراحل في مواجهة الإخوان، حيث لم تنجح في تقديم الرجل ونظامه بطريقة تناسب النجاحات التي قدمها للوطن، سواء اتفقنا أو اختلفنا معه، كما فشلت في كشف مخططات التيار الديني للشارع المصري والعربي والعالمي طوال 30 عاما في الحكم.
رفض مبارك تقديم خطاب مدني بديل، فكانت النتيجة محاصرة التيارات المدنية مقابل منح الفرصة للإسلاميين في التقدم للامام، واختراق كل طبقات المجتمع، مقابل دور مسرحي للإخوان وأنصارهم في السياسة.
لم يعرف مبارك طيلة ثلاثة عقود، أنه كان يضع بهذه الطريقة مسمارًا ساخنًا في نعش نظامه، وكاد أن ينفد منه، ليصبح المسمار الأخير في نعش الدولة الوطنية، لولا استفاقة الشعب ضد مخططات الجماعة، وإسقاطها عن الحكم عام 2013، ليرحل مبارك ويبقى للتاريخ كلمة النهاية، في تدوين ما له، وما عليه .