منتصر عمران يكتب: عندما يُسَخَّر الدينُ لموقف سياسي أو وطني!
عندما يستدل منتسبو الجماعات الإسلامية أو المعارضة المصرية في تركهم لوطنهم من أجل صراع سياسي صرف، بمواقف من عهد النبوة لتأصيل موقفهم فهذا خداع باسم الدين العظيم.
لأن الأساس في الأحزاب السياسية، وكما يقول بذلك الفقهاء القانونيون، إن الهدف الرئيسي للأحزاب السياسية هو الوصول إلى السلطة أو على الأقل المشاركة فيها وهو الهدف القريب.
أما الإسلام فالأساس فيه أنه ما دامت هناك للحاكم بيعة فلا يخلع أحدكم هذه البيعة إلا لحكم شرعي تجدون فيه عندكم من الله برهان.
ليس هذا ما أريد التحدث فيه الآن ولكن الذي أريد التحدث فيه حكم استدلال من يتركون أوطانهم من أجل صراع سياسي أساسه كرسي الحكم وليس إقامة الدين.
منتصر عمران يكتب: شيخ الأزهر خلية إخوانية.. افتكاسة علمانية
فهؤلاء يستدلون فيما يفعلونه بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرة الصحابة الذين تركهم وطنهم مكة والرحيل إلى الحبشة (أثيوبيا) في فترة الاضطهاد.. وهذا استدلال فاسد من كثير من الاعتبارات أوجزها في نقطتين أو ثلاث.
- أن الصحابة والرسول صلى الله عليه وسلم عندما تركوا وطنهم وكان أحب البلاد إليهم تركوه من أجل أنهم كانوا لا يستطيعون إظهار شعائر دينهم.
- عندما ترك الصحابة وطنهم ذهبوا إلى بلد ملك يدين بدين سماوي وكان لا يظلم أحد عنده.. وكانوا يستطيعون فيه إقامة الدين والنجاة من أنفسهم من بطش بني قومهم.
- والرسول صلى عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة أقام فيها دولة الإسلام ودخل في الدين الناس جماعات وأفرادا.
فهل بعد ذلك يصح لهؤلاء استدلال.. وهم كانوا في وطنهم يقيمون شعائر دينهم ولم تطلب منهم حكومة وطنهم ترك دينهم ولا عدم إقامة شعائرهم.. بل لم تطلب منهم حكومة وطنهم أن يسرقوا أو يقتلوا أو يزنوا أو يشربوا الخمر وهلم جرا..
ونأتي إلى الفريق الآخر الذي يريد أن يجعل من الوطن هو الدين الذي يضحى من أجله بالغالي والثمين حتى لو تم فيه محاربة الدين ليل نهار، واستدلوا بذلك بقوله تعالى على لسان سيدنا إبراهيم: (وإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (36) رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ).
ونسي هؤلاء أن سيدنا إبراهيم كان من بلاد العراق ولم يكن من مكة المكرمة، كما أنه لم يقم فيها ولكن أراد تكريما لبيت الله الحرام وأن تأتي إلىه الافئده قبل الأجسام من أجل شعيرة الإسلام والذي أصبح ركنا من أركان الإسلام وهو الحج وليس مكة التراب ولا الأحجار.