ملاحظات على مؤتمر الأخوة الإنسانية
بدعوة من مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قضينا أربعة أيام بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي، عاصمة التسامح الدينى كما يراها أصحابها والمترددون عليها والمقيمون فيها، شاركنا في التجمع العربى من أجل الأخوة الإنسانية، وهو المؤتمر الثانى بعد تدشين وثيقة الأخوة الإنسانية العام الماضى بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان..
وهى النسخة الثانية لتطبيق أو الوصول إلى ما يشبه مدونة السلوك الإعلامي في منطقتنا تطابقا مع الوثيقة الأم، وبفضل مجموعة من خيرة الشباب المصرى والإماراتى ظهر المؤتمر بحلة تليق به، من حيث التنظيم وتوفير عناصر النجاح للمؤتمر، بحضور نخبة من الإعلاميين العرب خاصة وحضور كثيف من ممثلى أطياف دينية متعددة، كان المؤتمر في جملته واحدة من التظاهرات الإنسانية التي تسعى إلى أنسنة الإعلام، ووضع مجموعة من المعايير المهنية التي تلزم الموقعين عليها أخلاقيا بالتزامها اتساقا مع ما جاء بالوثيقة التي تم تدشينها العام الماضى.
اقرأ ايضا: صفاقة القرن
الإطار العام للمؤتمر أكثر من رائع غير أن بعض التفاصيل لم تكن على نفس النحو، سواء على مستوى المتحدثين في ورش العمل ، أو زحمة التنظيم بعقد ثلاثة ورش عمل كل يوم في توقيت واحد، مما يفرض على الحضور اختيار ورشة وحيدة دون القدرة على المشاركة في الورش الأخرى.
أيضا غاب التمثيل الإعلامي العربى بشكل واسع وطغى الجانب المصرى على معظم الفعاليات، ورغم كونه مصدر فخر لى كمواطن وإعلامي مصرى، غير أن ذلك أفقد الفعاليات الزخم والثراء المطلوبين لمثل هذه النوعية من المؤتمرات.
اقرأ أيضا: الإعلام والأخوة الإنسانية
محاولة الفصل بين مواثيق العمل الإعلامية والصحفية المعمول بها داخل الدول العربية والميثاق الإنساني الجيد كان من شأنه أن يصنع تناقضا غير موجود في الأساس، فالأصل في مواثيق العمل الإعلامية هو الحرص على الأداء الإعلامي وفق منظومة من القيم الأخلاقية التي ترتبط في مجملها بحياة الإنسان والحفاظ على خصوصيته واعتبار الإعلام أداة بناء للحوار وليس العكس.
ظهر عدد من المشاركين في ورش العمل وهم يمثلون خبرات كبيرة ذات ثقل إعلامي وقيمي عظيم الأثر، وعلي النقيض كان من بين المشاركين من يجب أن توجه إليهم رسالة المؤتمر، حيث خاض بعضهم في أعراض الناس، وشارك آخرون بجرائم إعلامية من الوزن الثقيل، إضافة إلى عدم قدرتهم على التحضير الجيد، فبدا المشهد عبثيا في بعض الورش، وبدا في ورش أخرى أكثر ثراء وقدرة على منح المؤتمر قيمة مهمة.
اقرأ أيضا: مؤتمر الأخوة الإنسانية.. تحديات جديدة
تبقى الإشارة إلى وثيقة التجمع الإعلامي العربى، واعتبارها جزءا لا يتجزأ من مواثيق الشرف الصحفى والإعلامي الذي تلتزم به جماعات إعلامية عربية في دولها، دون إضافة جديد إلى الساحة يمكن الاستفادة منه خاصة فيما يرتبط بمسألة خطاب الكراهية والنفى والإقصاء، وهى قيم مرفوضة في معظم مواثيق الشرف العربية، وربما يختلط الحابل بالنابل في بعض القضايا، إضافة إلى سيادة مجموعة من المصطلحات التي يجب أن تختفى بسبب عدم وجود آلية لإلزام القائم بالاتصال باعتبارها قيما ثقافية أكثر منها قوانين ملزمة.
خلاصة القول: المؤتمر في نسخته الثانية يبشر بمؤتمرات قادمة أكثر عمقا، خصوصا لو تم التوافق على آلية لتنفيذ ما يصل إليه المؤتمرون في النسخ القادمة، وليكن المؤتمر القادم مخصصا لورش عمل يشارك فيها نخبة من المفكرين والخبراء في مجال الخطاب الدينى، باعتباره الأكثر تأثيرا ، حيث يصل الأمر ببعض الجماعات والمذاهب إلى نفى الآخر وإقصائه واتهامه بالكفر، وهي قضية شائكة تحتاج لبدايات حقيقية على مستوى الأخوة الإنسانية، والعيش في سلام ووئام بين المذاهب والأديان المختلفة.