صفاقة القرن
في مشهد سينمائي وبإخراج رديء تابعنا المؤتمر الذي عقده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الصهيوني حول ما أسموه صفقة القرن، والتي اعتبرها أكبر المتفائلين بأنها تصفية للقضية الفلسطينية، كان الرجلان يتبادلان التصفيق لبعضهما البعض وبشكل يثير الاشمئزاز، وقد ظنا أن الدنيا قد دانت لهما، بعد حالة الوهن العربي التي لم تتكرر تاريخيا وبمثل ما هي عليه الآن.
دولة متقطعة الأطراف، وعلى نسبة أقل من ٢٢ بالمائة من أرض فلسطين حسب قرارات التقسيم الدولية، ودون القدس وبلا سيادة حقيقية على مفاصلها.
في مساء ذات اليوم كانت القوى الفلسطينية تجتمع لمناقشة طرح الرئيس المتعجرف، وجاء الرد سريعا من الرئيس الفسطيني محمود عباس أبو مازن: لا يوجد قوة في الأرض يمكنها أن تنتزع حق شعب في حياته وأرضه وتاريخه ومقدساته.
اقرأ أيضا: لماذا يجب ان نكره اسرائيل؟!
على الطرف الآخر كانت وسائل إعلام القوى الشيطانية تكرر على مسامع الناس أن مصر تبارك الصفقة، وزاد من الحالة الضبابية تأخر صدور بيان من مصر، وهو ما استغلته جماعة الإخوان الإرهابية بتصدير معلومات مغلوطة من شأنها النيل من مواقف مصر المعروفة من قضيتنا الأولى والأخيرة، حتى صدر البيان الشافي الذي قطع على هذه القوى طريق الشر الذي بدأوه بليل، وأمعنوا فيه النشر والتأكيد والنيل من وطن ضحى أكثر ما ضحى بدماء أبنائه في سبيل القضية.
اقرأ أيضا : طبول الحرب على الأبواب
منظمة العفو الدولية التي نصفها بأنها صهيونية كان لها موقف حازم ضد الصفقة، ووصفت ما جرى بأنه جريمة ضد الإنسانية وضد القانون الدولى، وطالبت المنظمة المؤسسات الدولية باتخاذ مواقف صلبة في مواجهة هذا الصلف الأمريكي.
حاول الرئىس الأمريكي الزج بالهمز واللمز معلنا أن كثيرا من العرب وافقوا على الصفقة، وقبل أن ينهى كلامه كانت الأردن تعلن موقفها الحاسم ضد الصفقة.
يوما بعد يوم انقلب السحر على الساحر، وبات واضحا أن الثقة التي كانت تخرج بإيحاء من الرئيس الأمريكي ليس لها قدم على الأرض، الأمم المتحدة كان لها موقف، الجزائر كان لها موقف، تونس الثورة كان لها موقف، خاطب الرئيس الفسطيني ضمير العالم وحصد ثمن خطابه بعد سويعات قليلة، عندما ظهر على السطح أن المقتنعين بصفاقة ترامب ونتنياهو ليسوا إلا قلة نتصور أنها باتت وحيدة في مواجهة العالم الحر.
الموقف الفرنسى لا يزال يستمد ديمومته من تاريخ طويل من مساندة القضية، وأيضا الموقف الأوروبي بشكل عام تحدث عن القرارات الدولية التي لا يمكن لدولة مهما كان قوتها أن تمحوها أو تؤصل لوضع جديد مغاير لما أقرته الأمم المتحدة في هذا الشأن.
اقرأ أيضا : خطيئة وزير التموين
ورغم أن الموقف برمته يؤكد من جديد أن إنسانية العالم لم تصل إلى حالة الانحطاط النهائي، وظهور نماذج ووقفات حاسمة ضد عبث ترامب وشريكه، فإن صدور البيان المصري كان له أثره الكبير في معادلة الموقف الدولى، وقد ظهر ذلك جليا بتعليقات محللين وكتاب وساسة أكدوا أن الموقف المصرى يصبح له وزنه الأكبر ودلالاته المهمة، وعلى إثر هذا الموقف يصل أبو مازن إلى القاهرة.
يبقى أن وحدة الصف الفلسطيني هي القوة المقاومة الأكبر والقادرة على مواجهة مؤامرة تصفية القضية بكافة أشكال ووسائل المقاومة، مهما كانت قوة أمريكا أو انفرادها بقيادة العالم، فإن أحدا لا يستطيع أن يسكت شعبا عن المطالبة بحقوقه، واستخدام كافة أساليب المقاومة مادام طريق السلام يفرض على شعب أن يتنازل عن وطنه وعن حقوقه التي أقرتها كافة القرارات الدولية.. خلاصة الفصل في قوة الموقف الفلسطيني وليس غيره.