مدى مشروعية شرط السن للمتقدم للوظيفة القضائية
الدستور كفل الحق في العمل في إطار من تكافؤ الفرص وعدم التمييز تلتزم الدولة بتحقيقهما، وكذا كفل حق المواطنين في تولي الوظائف العامة على أن يكون معيار المفاضلة بين المتقدمين لشغلها هو الكفاءة.
اقرأ أيضا
حكاية القاضي الإنسان «محمد عيد محجوب»
وجاء قانون مجلس الدولة وأورد شروطًا يتعين أن تتوافر فيمن يتقدم للالتحاق بالمجلس بحيث لا يقل سن من يتقدم لشغل وظيفة مندوب مساعد عن تسعة عشر عامًا.
اقرأ أيضا
حكاية تأديب نائب وزير التربية والتعليم
وكذا جاء قانون السلطة القضائية واستلزم توافر عدة شروط فيمن يتولى القضاء، منها ألا يقل سنه عن حد معين بحسب المحكمة المعين بها، وعند التعيين في بداية السلم الوظيفي بالقضاء فإنه يتعين ألا تقل سن معاون النيابة العامة عن تسعة عشر سنة كما هو متبع بشأن التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة.
ولم ينص أي من القانونين المذكورين على حد أقصى للسن يتعين ألا يتجاوزه من يتقدم لشغل وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة أو معاون بالنيابة العامة.
اقرأ أيضا
بلاغ مفتوح إلى رئيس هيئة النيابة الإدارية (1)
ومن المقرر في القضاء الدستوري أن حق العمل لا يمتنع على التنظيم التشريعي الذي يقتضيه الصالح العام بتحديد الشروط اللازمة لممارسة كل عمل حسب طبيعته مما يكفل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما يقتضيه إعمال مبدأ المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص في مجال العمل بين العاملين، وليس ثمة تعارض أو تناقض بين كفالة حق العمل المنصوص عليه في الدستور وبين تنظيمه تشريعيا.
ويضاف إلى ذلك أن المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة أنه ولئن ساغ لجهة الإدارة أن تضع من الضوابط والشروط ما تراه مناسبًا لشغل الوظائف الخاصة بها، بحسبانها القوامة على المرافق العامة، ومن بين هذه الضوابط الحد الأقصى لسن التعيين بهذه الوظائف.
اقرأ أيضا
بلاغ مفتوح إلى رئيس هيئة النيابة الإدارية (2)
إلا أن مناط القبول بهذه الشروط ألا تخالف الدستور والقانون، وألا تجافي طبائع الأشياء ومنطقها وعدلها، وألا تهدر أو تمس الأصول المقررة عدلاً مساواة للمراكز القانونية، وتمكيناً لتكافؤ الفرص بينها.
ويجوز للسلطة المختصة أن تضع ما تراه مناسبًا من ضوابط وشروط للتعيين في الوظيفة القضائية بما يتفق مع الصالح العام، بحسبانها القوامة على تنظيم وتسيير مرفق العدالة.
اقرأ أيضا
أسباب قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية الأخير
ومن ذلك وضع حد أقصى لسن المتقدم لشغل أدنى الوظائف القضائية، حيث درجت الهيئات القضائية جميعها على تضمين الإعلانات عن شغل هذه الوظائف شرطًا يتعلق بالحد الأقصى لعمر المتقدم لشغل الوظيفة، وهو شرط يفرضه واقع الحال وطبيعة العمل القانوني والقضائي وضرورة الاستثمار الأمثل للقاضي.
ويأتي ذلك على اعتبار أن الملكات والخبرات القانونية والقضائية تتكون على مر السنين عاما بعد عام، وأن انخراط القاضي في العمل في سن مبكرة يسمح بتكوين تلك الملكات وترسيخها والاستفادة منها أكبر قدر ممكن ومن الخبرات التراكمية التي تكونت على مدار السنين.. وللحديث بقية.