رئيس التحرير
عصام كامل

ملامح الشيطان !!


مصر الجميلة ذات الملامح الملائكية تقترب اليوم من بوابات الفتنة ذات الوجه القبيح والملامح الشيطانية والتي لا يمكن لمصر أن تتذكرها مرة أخرى ، فهي كالذئب الخاطف الذي قليلا ما ارهق مصر واستولي على اعظم ما تملكه وتتمايز به عن دون باقي البلدان.


"الإنسان المصري" حليف قوة الخير منذ فجر التاريخ، والفتنة في مصر مصطنعة أي انها بفعل فاعل ولايمكن أن تكون بغير ذلك، فطبيعة الإنسان في مصر طاردة للفتنة ، ولا تري لها وجهًا سوي وجه الشيطان، وأبرز ما يخبرنا عن هذا الوجه القبيح هي احداث القرن الرابع عشر، ففي بدايات ذلك القرن حدث أمر مريب، فقد وقف أحد العامة (مجهول) في صلاة الجمعة داخل جامع السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، وفي حضوره شخصيا وأخذ يصرخ بكل قوة..اقتلوا الأقباط احرقوا كنائسهم دمروا منازلهم فهم يتآمرون على مصر والمسلمين، رغم المفاجأة الا أن هذا لم يحرك كثيرا في نفوس الشعب ولا حتي السلطان نفسه ، وحين اقترب الغروب فجأة بدأت النار تشتعل في أكثر من مسجد في القاهرة، فبدأ الريب يتسلل داخل النفوس وأخذ السلطان يبحث عن ذلك الشخص المجهول فلم يجد له أثرا !!

فانطلقت موجة رهيبة من الرعاع وأسافل القوم يحرقون الكنائس ويدمرون المنازل ، فتم تدمير عدد هائل من الكنائس وقتل من المسيحيين ما لا يعلمه سوي الخالق، وهنا شعر السلطان بأن الأمور بدأت تفلت من يده وبات كرسي العرش مهددا تحت أقدامه، وفجأة قبض الناس على مجموعة من الرهبان اعترفوا تحت التعذيب بأنهم العقول المدبرة لحرق مجموعة من المساجد انتقاما لحرق الكنائس فأمر السلطان بإعدامهم، متخيلا أن هذا سوف يطفئ نار الفوضي والتخريب، ولكن سقطت حساباته بين يد القدر واشتعلت نار الغضب في كل أرجاء مصر ، ولم يعد الأمر قابلا للسيطرة تمامًا، فاختفي المسيحيون من الشوارع، وسكنوا المقابر خوفا على أرواحهم ، ولولا العقلاء من المسلمين لما بقي في مصر مسيحي واحد على قيد الحياة، واستمرت هذه الأهوال من دون رادع، حتي سئمت الناس منظر الدماء والقتل، وأخذوا ينسحبون من الميادين العامة وزوايا الشوارع الواحد تلو الآخر حتي هدأ الوضع من تلقاء نفسه وعاد السلام إلى الحياة من جديد.

وهنا نقف ونقول إنه بعد مرور أكثر من سبعمائة عام على هذه الفتنة الفتاكة اتضح الآتي، أن الرجل المجهول الذي صرخ بعد صلاة الجمعة " احرقوا الكنائس " كان من اتباع رجال السلطان الناصر بن قلاوون نفسه..قد يبدو الأمر غريبا ولكنها الحقيقة، فقد كان الناصر بن قلاوون هو المستفيد الأول من الاحداث لأسباب لا يتسع المجال هنا لشرحها.

ولكن ملخص قولها " السلطة والنفوذ"، وان الرهبان الذين قاموا بحرق المساجد لم يكونوا تحت سلطان البطريرك بل فعلوا هذا انتقاما شخصيا منهم، اما الرعاع وأسافل القوم الذين استباحوا القتل والنهب، فقد كانوا اصحاب مصالح مباشرة من وراء ذلك، فقد انصرف الكل إلى مكانه بعد أن أمعنوا في السلب والنهب وشبعوا تماما ولم تسلم منهم منازل المسلمين انفسهم، ولو انعكس طيف التاريخ واعادنا إلى حاضر الايام، فسوف نكتشف اننا امام مؤامرة قادمة لا تبتعد كثيرا عن تلك التي قرأنا عنها توًا، فهناك فئة من الناس يسكنون داخل قصور الحكم، هؤلاء أراهم يتغزلون في ملامح الشيطان ويريدون أن يطلوا على مصر بذلك الوجه القبيح في محاولة يائسة منهم لإعادة إنتاج الفتنة من جديد إيمانا منهم بأنها سوف تجنبهم غضب الشعب القادم في غضون ايام قليلة، ولكني اقول لهم أنه من الحكمة أن تبتعدوا عن هذه الصفحات السوداء من تاريخ مصر ، والتي لا يمكن أن تكرر أو تعيد إنتاج نفسها مرة أخرى، فالذي قضي عليها في المرة الأولي كان المصريون العقلاء من الشعب ، وانتم اليوم تواجهون احفاد هؤلاء المصريين، ولا يمكن أن تصمدوا امام جحافل الضمير العام من الناس، فالفتنة الدينية اصبحت حيلة سياسية اكل عليها الزمن وشرب، ومن يحاول أن يعيدها إلى الحياة، فلن يجد غير هاوية النسيان ليسقط فيها، وهناك تكون ملامح الشيطان أكثر وضوحا وحضورا.
الجريدة الرسمية