زناة المحارم.. اغتصبتم فطرتنا
"التحرش" كلمة لم تعد بالغريبة علينا حينما نقرؤها في سياق أخبار وأحداث عديدة مرتبطة بهذا الفعل غير الأخلاقي، فكل يوم نقرأ ونسمع عن حوادث "تحرش"، وعلى الرغم من تجريم القانون لها، إلا أننا مازلنا نعاني من هذا الفعل المشين.
ولكن عندما يقوم معلم بالتحرش بـ120 تلميذة، في واقعة قامت على إثرها المحكمة الإدارية العليا بفصله بعد تحرشه جماعيا بتلميذات فصلين كاميلن بالصف السادس الابتدائي! ثم يتخطى الأمر ليصل إلى "زنا المحارم" في سياق يعادي كافة النسق والأنظمة الإنسانية والأخلاقية والدينية، فلا بد وأن نتوقف عندها ونبحث في الأمر.
فمنذ أيام قليلة، نشر أحد المواقع الإلكترونية خبرا يفيد بحبس أم بتهمة ممارسة الرذيلة مع ابنها "6 سنوات"! في واقعة بشعة ضربت عرض الحائط كل القيم والأخلاق والفطرة والدين، وعلى الرغم من رفضي الشديد لما حدث وعدم رغبتي في الحديث عنه فإن ما حدث بعده بأيام قليلة، جعل الأمر أشبه بوباء في بداية انتشاره، وكان لا بد من رصد وتحليل هذه الأحداث، لمحاربة هذا المرض الأخلاقي اللعين، حيث قامت بفتاة بقتل أخيها بمساعدة والديها بعد محاولته الاعتداء عليها جنسيا أمامهم.
اقرأ أيضا: المجتمع عايزك «خاينة»!
نحن بذلك نواجه ظاهرة أخطر من التحرش الذي هو في ذاته خطير ومقزز ومشين. والغريب في الأمر، ليس الحدث في حد ذاته، بل من الجاني وبمن؟ فالجريمة هنا لم تقتصر على كونها جريمة تعكس انحرافا أخلاقيا، بل إنها تعدت كافة الحدود ونقضت عهد الفطرة التي خلقنا الله عليها، ودمرت الطبيعة الإنسانية والمثل العليا والأخلاق الحميدة.
والعامل المشترك في واقعة الأم والمعلم هو عمر" الضحية"، فإذا كان الجسد هو مصدر الإثارة، فما الإثارة في أجساد أطفال لم يتعدوا الـ 10 سنوات! فكيف لأم أن تسول لها نفسها بالتخلي عن أمومتها، ومحاربة فطرتها، لتقتل براءة طفلها بذلك الفعل الشنيع. وكيف لمعلم الذي يعد المثل الأعلى والقدوة أن يتحرش بتلميذاته لإرضاء نزواته ورغباته الدنيئة. وكيف لأخ، أن تعميه غريزته عن كل مشاعر الأخوة النبيلة ويحولها إلى مشاعر وحشية.
الانحلال الأخلاقي أصاب مجتمعنا في مقتل، تراودني العديد من الأسئلة التي لم أجد لها إجابات مقنعة تبرر ما آل إليه مجتمعنا. فنحن نحتاج إلى تفسيرات من رجال الدين وعلماء النفس والإجتماع لكي يعطوا لنا تفسيرات منطقية عما يحدث.
هل ما يحدث ينحصر في فئة إجتماعية معينة؟ هل المستوى العلمي والثقافي له علاقة بهذا الخلل الديني والأخلاقي؟ هل الظروف الاقتصادية لها علاقة بما يحدث؟ فالبعض يعول أسباب انتشار هذه الجرائم الأخلاقية، للانفتاح العالمي الذي نعيشه، وانتشار السوشيال ميديا، واستيراد الثقافة الغربية إلى مجتمعنا.
اقرأ أيضا: اذبحني شكرا «برعاية قانون الأحوال الشخصية»!
ولكن في رأيي، ليس هذا بكاف، لأننا لابد وأن نتفق على أن بعد هؤلاء عن دينهم، وعدم تنشئة إجتماعية سليمة، وغياب الرقابة في الأسرة، وتحويل العملية التعليمية إلى أرقام ومعلومات تحفظ وإغفال تقويم السلوك وغرس القيم والمبادئ داخل نفوس الأطفال منذ صغرهم، كل هذه العوامل ساعدت ذوي النفوس الضعيفة إلى إقدامهم على ارتكاب تلك الجرائم الشنيعة دون التفكير في عواقبها سواء أمام المجتمع أو أمام الله.
نحن نحتاج إلى تكثيف جهودنا كأباء وأمهات ومعلمين إزاء أبناءنا، لترسيخ القيم الدينية والأخلاقية في نفوسهم وعقولهم، لحمايتهم من هذا الوباء اللعين الذي ينتشر بقوة. وكذلك نحتاج لإطلاق حملات توعية دينية واجتماعية وأخلاقية برعاية رجال دين وعلماء نفس واجتماع، لإنقاذ المجتمع من طاعون يضرب أخلاقنا وحياتنا وأطفالنا في مقتل.