ندى الشلقاني تكتب: المجتمع عايزك «خاينة»!
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية بين (25 و35) سنة خلال 2017 لدى النساء، بنسبة 19.6%، بعدد 38.8 ألف حالة!
وتعقيبا على هذه النسب، يخرج علينا العديد من الرجال القانونيين والسياسيين والمهتمين بالمجتمع المدني، بسيل من الاتهامات والتهكمات ضد المرأة، ينشرونها على صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"، أو في لقاءات تليفزيونية على برامج التوك شو المختلفة!
هذه الاتهامات جميعها تصب في أن المرأة هي السبب في زيادة معدلات الطلاق، وأن قديما كانت المرأة "تستحمل وتعيش علشان بيتها وجوزها" وغيرها من العبارات الرنانة الطويلة!
ولكن.. قديما يا سادة.. كان هناك الرجال بما تحمله الكلمة من معنى، كان الرجل يحترم زوجته ويقدسها، يعلم ما له وما عليه، يفي بواجباته تجاه أسرته، كانت الحياة مقسمة لأدوار، وكل منهم يقوم بدوره على أكمل وجه، وحتى عندما يتعرض زوج وزوجة للانفصال، كان الرجل يعيش باقي حياته يحترم طليقته ولا يتحدث عنها بسوء، ويفي بحقوقها وحقوق أبناءه منها إن وجد.
ما الذي حدث الآن إذا، الذي حدث أن المرأة تتزوج من أجل بناء بيت وكيان وأسرة بطبيعة فطرتها التي وهبها الله إياها، ثم تفاجأ أنها تزوجت بما يسمى بـ"أشباه الرجال"، هذا ذكر تزوجها من أجل أن تنفق عليه، وهذا ذكر يمارس رجولته بالضرب والإهانة والسب، وهذا ذكر يتعاطى المخدرات للدرجة التي كانت ستؤدي إلى موته، وهذا كذاب وخاين وغدار، وغيرها من الصفات التي لا تمت للرجولة بصلة، في هذه الحالات ما هو المطلوب منها، كيف تستطيع أن تعيش مع نموذج من النماذج السابق ذكرها، ولماذا تكمل حياتها مع هؤلاء البائسين، من أجل من؟ وهي التي أصبحت وزيرة ودكتورة وعالمة، وغيرها من المناصب والعلم الذي يجعلها ترفض هذا الوضع المشين.
في هذه الحالة، تطلب المرأة الطلاق، لأنها بما تتمتع به من نضج وثقافة وتعليم وعلم يجعلها ترفض الاستمرار، ولكن..
المجتمع يرفض وينتقد ذلك، فما المطلوب منها إذا؟ أن تكمل حياتها لتحافظ على لقب "متزوجة" لإرضاء المجتمع، وتدخل في علاقة مع آخر لترضي نفسها وتشعر بكيانها ووجودها وذاتها، هل يقبل المجتمع ذلك؟
يؤسفني القول، نعم يقبله طالما يحدث ذلك في السر فكل شيء مباح، طالما إنها متزوجة فهي أصبحت قديسة في نظر هذا المجتمع العقيم المتناقض فكريا.
كلامي هذا لا يعمم، فبالطبع كثير من المتزوجات شريفات، ولكن منهن من تحاول أن ترضي المجتمع على حساب ربها وأخلاقها ودينها، تقبل أن تكمل حياة ناقصة من أجل الحفاظ على لقب متزوجة، وفي الخفاء هناك شخص آخر يعوضها ما لم تجده في زوجها.
يا سادة، المرأة التي تطلب الطلاق لرفضها الحياة مع أشباه الرجال، هي امرأة قوية.. حرة.. شريفة.. ناضجة.. صادقة مع نفسها، تريد رجل حقيقي، تشعر معه بالأمان لا النقصان، يكملها وتكمله، يتشاركان ويتناقشان ويبنوا سويا حياة كاملة لا بائسة، تظل تبحث عنه حتى نهاية عمرها، ولن تتنازل حتى تجده.
المرأة المطلقة رفضت أن تكون زوجة "خاينة" لإرضاء المجتمع الذي دائما وأبدا يهتم بالمظاهر فقط، فالعيش بلقب مطلقة أشرف بكثير من لقب متزوجة مع إيقاف التنفيذ، أو متزوجة ولكن..!!