نادية لطفي
لا أتذكر أننى كتبت عن فنان أو فنانة طوال أكثر من نصف قرن سوى عن كوكب الشرق أو الست كما كان يطلق على أم كلثوم .. وكتبت عنها من زاوية ليست فنية لأن علاقتى بالفن هى علاقة تذوق واستمتاعي به فقط ولست متخصصا فيه، فاهتماماته السياسية والاقتصادية كانت هى الغالبة على كتاباتى دومًا منذ الصغر وحتى الآن.. لكننى عندما تلقيت خبر وفاة الفنانة نادية لطفي وجدت نفسى راغبا فى الكتابة عنها.
وبالطبع لا أكتب عنها كفنانة استمتعت بفنها مثل كثيرين غيرى سواء من أبناء جيلى أو أبناء أجيال سبقتنا أو لحقت بِنَا، فهناك من هم أجدر منى فى تناول ذلك بأقلامهم.. ولا أكتب عنها كفنانة مثقفة وواعية، وهو نموذج ليس منتشرًا ونفتقده بين أهل الفن وكذلك الرياضة.. ولا أكتب عنها أيضًا كإنسانة ممتازة كما يراها من ربطتهم علاقة بها أو تعارفوا عليها وتعاملوا معها..
اقرأ أيضًا
وإنما أكتب عنها كشخصية وطنية صاحبة موقف.. فهى كانت دومًا فى مقدمة الصفوف دفاعًا عن الوطن وأهله وناسه فى كل المعارك التى خاضها.. وانتصرت للحق والحريَّة، ولذلك ساندت الشعب الفلسطيني للخلاص من الاحتلال الإسرائيلى البشع والعنصري، ودعمت الشعب اللبنانى حينما تعرض لعدوان إسرائيلى..
اقرأ أيضًا
وفعلت ذلك عن قناعة وإيمان بما تفعل، وليس بحثًا عن شهرة كانت حصدت الكثير منها من خلال الفن، وليس اتجارًا بقضايا وطنها كما فعل ذلك بعض الممثلين فى السنوات الأخيرة.. لذلك حظيت تلك الفنانة الرائعة باحترام واسع داخل وخارج مصر.
لقد أدركت أن الإنسان دومًا موقف.. وهذا الموقف هو الذى يميز إنسانًا عن آخر.. ومواقف الفنانة العظيمة نادية لطفي هى التى جمعت لها حبًّا كبيرًا واحتراما واسعًا كفنانة لامعة مثقفة، وكإنسانة جميلة، وكذلك شديدة الانحياز لوطنها ومدافعة عن قضاياه.