رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين التوريث والتمكين (1)


جاءت أزمة وزارة الثقافة المتعلقة بقيام الوزير الجديد بعزل القيادات القديمة وترقية وتصعيد من يدين بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين داخل الوزارة، لتكشف عن وجه جديد فى ملف التمكين، والمعروف إعلاميا بالأخونة، يتعلق بثقافة وهوية الدولة.

فمنذ أن تولى الرئيس محمد مرسى الحكم، ونحن نشاهد مخططا كامل الأركان يهدف إلى تمكين جماعة الإخوان المسلمين من معظم مؤسسات الدولة، والحقيقة أنه عند استعراض هذا المخطط نجد أنه يتشابه إلى حد كبير فى خطواته مع مخطط مبارك لتوريث نجله السلطة.

فكثيرا ما شاهدت مصر قبل الثورة محاولات عديدة من جانب مبارك لتوريث ونقل السلطة إلى نجله، ولكن بمجرد قيام الثورة وإعلانها رفض ملف التوريث ووجود مبارك آخر فى السلطة، أغلق هذا الملف تماما، وظن الشعب أنه ذهب بلا رجعة، إلا أنه فوجئ بعد أشهر قليلة بوجود نظام آخر يمارس نفس السياسات لتوريث السلطة إلى جماعته، ولكن تحت مسمى آخر وهو التمكين، ليكون قد انتقل من نظام يسعى إلى توريث فرد إلى نظام يسعى إلى توريث جماعة بأكملها.

والحقيقة أنه عند استعراض ملفى التوريث فى عهد مبارك، والتمكين فى عهد مرسى، نجد أنهم يحملون نقاط تشابه عديدة، تتعلق بالأهداف والظروف والوسائل التى مُورست لتنفيذ مخطط التوريث وتُمارس لتنفيذ مخطط التمكين، ولذلك فسوف أحاول من خلال هذا المقال استعراض نقاط التشابه هذه، فى محاولة للتأكيد على أن نظام مرسى لا يختلف شيئا عن نظام مبارك، وأن كليهما يسعيان إلى تحقيق مصالحهم الشخصية، دون النظر إلى المصلحة العامة للوطن.

فإذا كانت محاولات مبارك لتوريث السلطة إلى نجله نابعة من طموح الأخير الزائد لحكم مصر، فإن محاولات مرسى الآن أيضا لتمكين جماعته من الدولة نابعة من طموح أكبر يستلزم سيطرة الأخيرة على كافة مؤسسات الدولة لتحقيق حلم البنا للوصول إلى ما يطلقون عليه "أستاذية العالم"، وهو ذلك الحلم أيضا الذى أعلنه المرشد العام للجماعة محمد بديع بعد الثورة مباشرة.

وإذا كانت العوامل التى شجعت مبارك للتفكير فى توريث نجله السلطة تتعلق بحالة اللامبالاة التى عاشها الشعب المصرى وقتها، وغياب المعارضة عن المشهد، فإن العوامل التى شجعت مرسى للقيام بمحاولات لتمكين جماعته من الدولة تتعلق أيضا بنفس السبب وهو عدم وجود بديل غيرهم على الساحة، فى ظل عدم جاهزية أحزاب المعارضة لتقديم نفسها كبديل قوى من ناحية، وامتناع شباب الثورة عن المشاركة فى العملية السياسية من ناحية أخرى.

وبالتالى رأت الجماعة بعد وصول مرشحها إلى السلطة أن أمامها فرصة ذهبية للسيطرة على الدولة، قد لا تتوفر لهم مرة أخرى، فرأت أن عليها استغلالها وبأسرع وقت ممكن لتنفيذ حلمها.
يتبع
nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية