حكم صلاة المنفرد خلف الصف في المسجد
اعتنت الشريعة الإسلامية بالصلاة وحثت اتباعها على المحافظة والداوم عليها وسنت لها العديد من الشرائع والأحكام، ومن الأسئلة التى ترد في هذا الشان هو "هل يجوز لمن أتى خلف الصف أن يجذب أحد المصلين ليصلي معه؟"
ومن جانبها أوضحت دار الإفتاء أن صلاة المنفرد خلف الصف إذا كانت لعذر -كأن لم يجد من يصف معه- صحيحة ولا حرج عليه، فإذا انتفى العذر تكون صحيحة مع الكراهة؛ لما روى البخاري عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَهْوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "زَادَكَ اللهُ حِرْصًا، وَلا تَعُدْ"، فأخذ الفقهاء من ذلك عدم لزوم الإعادة، وأن الأمر الذي ورد في حديث وَابِصَةَ بن معبد رضي الله عنه عند الطبراني من "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاةَ" إنما هو على سبيل الاستحباب؛ جمعًا بين الدليلين.
حكم من فاتته صلاة الجمعة كسلًا أو غصبًا عنه
ومن لم يجد فرجة ولا سعة في الصف فللفقهاء فيه مذاهب: فعند المالكية وأحد قولي الشافعية أنه يقف منفردًا خلف الصف، ولا يجذب أحدًا؛ لئلا يحرم غيره فضيلة الصف السابق، بل زاد المالكية أنه إن جذب أحدًا فلا يطعه المجذوب، وهذا رأي الكمال بن الهمام من الحنفية.
أما عند الحنفية والصحيح عند الشافعية فيستحب أن يجذب إليه شخصًا من الصف ليصطف معه، مع مراعاة أن المجرور سيوافقه، وإلا فلا يجر أحدًا؛ منعًا للفتنة.
وعند الحنابلة يقف عن يمين الإمام إن أمكنه ذلك؛ لأنه موقف الواحد، فإن لم يمكنه ذلك فله أن ينبه رجلًا من الصف ليقف معه، وإلا صلى وحده خلف الصف، ويكره تنبيهه بجذبه، واستقبحه أحمد وإسحاق؛ لما فيه من التصرف بغير إذنه.
وأوضحت الدار أنه بناءًا على هذا فصلاة المنفرد خلف الصف إن لم يمكنه إلا ذلك صحيحة باتفاق الفقهاء، ومَن أجاز منهم له أن يجذب رجلًا من الصف أمامه اشترط معرفة موافقة المجرور على ذلك مسبقًا، ولذلك فإنا نرى قصر ذلك على هذه الحالة فقط، أمَّا إن لم يعلم المنفرد خلف الصف هل يوافقه المجذوب أو لا، أو علم عدم موافقته على ذلك فليس له أن يجذب أحدًا؛ وذلك تأدُّبًا مع مذهب المخالف ودرءًا للفتنة.