وبالأمس كانت جنازته!
أيقنت أمس أنه رحل.. فقد وجدت أصدقائي هناك.. يقدمون التعازي ويتقبلونها!
بالأمس.. وفي مسجد رابعة العدوية جاء الزملاء من كل حدب وصوب.. من كل أركان القاهرة.. يتحسسون صدق الخبر وصحته.. كانت يافطة القاعة الثانية في دار المناسبات الكبيرة بالمسجد الشهير تؤكد ذلك.. استسلم الجميع لأمر الله فلا راد لقضائه أبدا.. رحمك الله يا أشرف بيومي.. عشت هادئا.. ورحلت في هدوء.. عشت وحيدا.. وغادرت وحيدا.. هناك.. في بلد أحببتها وأحبتك.. تمنيت أن تعيش وتموت هناك.. وتقبل الله الدعاء!
كان أشرف بيومي متعدد المواهب.. قماشة صحفية عريضة وجد من يوظفها أحيانا.. ولم يجد من يقدرها غالبا.. لكنه عاش مرفوع الرأس كاتما أحزانه بين ضلوعه لم يعرف الشكوى أو البكاء أمام الناس.. وبين فقدان الوالدين والرحيل عن مسقط الرأس في بورسعيد وهجرة الأشقاء خارج البلاد وقسمة الزواج ونصيب الطلاق ومشيئة الله في عدم الإنجاب وإغفال بعض رؤسائه لطاقته وقدراته .. عاش أشرف بيومي!!
أتذكر الآن أيام السكن المشترك معه.. هناك في الدقي.. البيت المواجه لمسجد أسد ابن الفرات الشهير.. غرفة مشتركة له مع بلدياته وصديق عمره وعمرنا الزميل العزيز شريف عارف.. وغرفة لأحمد جبيلي الصحفي ورئيس حزب الشعب الآن.. وغرفة للأخ الصديق العزيز أشرف أنور وشقيقه.. والرابعة لي ولشقيقي.. أيام لا تنسى في خطوة البحث الأولى عن مكان في بلاط صاحبة الجلالة.. وكما جمعتنا الشقة.. جمعتنا صحف واحدة.. وفرقتنا رغبات الانطلاق والبحث عن مكانة.. وتمر الأيام.. نلتقي.. نتقابل.. نتحاضن.. نتصافح.. نتناقش.. نتحاور.. نتذكر إفيهات الأيام الأولى.. في السكن وفي المهنة.. ونتفرق كل إلى شأنه.. ولم يبق إلا الود والمودة والحب والاحترام وأمنيات التوفيق.. والآن.. لم يتبق إلا السيرة الطيبة والمسيرة الشاقة المشرفة..
وداعا يا أشرف.. وإنا لله وإنا إليه راجعون!!