قبل أن يجرفنا الطوفان!
نهانا الله جل وعلا نهيًا مشددًا عن السعى في إشاعة الفاحشة بين الناس، وتوعد سبحانه وتعالى صاحب هذا الذنب العظيم بأشد العقاب حيث يقول في محكم آياته: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة".
وأرجو أن نلاحظ هنا أن العقوبة الإلهية في شأن هذا الذنب الخطير لم تقتصر على الآخرة فقط، بل شملت الدنيا أيضًا نظرًا لجسامة تأثيراته شديدة السلبية على الجانب الأخلاقى لكل المجتمع، كما أن الذي يشيع الفاحشة بين الناس لا يعاقب يوم القيامة بوزره هو فقط بل يعاقب بحجم أوزار جميع من أشاع الفاحشة بينهم، لأن الدال على الإثم كفاعله كما ورد في الآية الكريمة التي جاءت في سورة النحل: "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون".
اقرأ أيضا : ابحث عن طيور الظلام
وقد أخبرنا بذلك أيضًا رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا".
ومناسبة هذا الكلام بالطبع هو الانتشار الواسع في السنوات الأخيرة لأحد أخطر الظواهر الذميمة التي تكاد تعصف بالقدر القليل الباقى من أخلاق وحياء المجتمع، ألا وهى ظاهرة التسريبات الفاضحة سواء المرئية أو المسموعة، والتي بدأت شرارتها القبيحة بالواقعة الشهيرة لأحد أكبر رجال الأعمال عام 2003.
واقرأ أيضا : المعاملة والمسئولية!
واستمرت مع الأسف في التنامى بكل قوة حتى الآن دون أي وازع من ضمير أو أخلاق، ودون أي إجراءات رادعة فعالة وحاسمة من جانب جهات الاختصاص في الدولة لأسباب خفية تشكل لنا جميعًا بالتأكيد أكبر علامات التعجب والاستفهام على الإطلاق، خاصة وأننا قد بلغنا مرحلة من التسيب والفوضى المجتمعية أدت إلى قيام بعض السفهاء من ذوي البذاءة والتدنى الأخلاقى بالتجرؤ والتهديد علنًا في وسائل الإعلام عدة مرات بالتشهير بخصومهم بواسطة هذا الأسلوب المنحط.
أرجو أن تنتبه الدولة لفداحة ترك هذا الشر المستطير على هذا الحال، وأن تتخذ من التدابير والإجراءات الصحيحة ما يحفظ على المجتمع ضوابطه وثوابته الدينية والأخلاقية، قبل أن يجرفنا الطوفان جميعًا إلى هوة سحيقة لا منجى منها لأحد.