ابحث عن طيور الظلام
في كل التحديات والمشكلات الداخلية الكبرى المعاصرة التي تواجهنا في مجالات عديدة، ولا يمكن أن تخطئها أي عين مثل: الإعلام، والتعليم، والمحليات، والثقافة، والنقل، والمرور، وبيئة العمل الحزبية والسياسية، والأداء البرلمانى، وآليات اختيار المسئولين، وسوء استخدام السلطة من قبل بعض المسئولين.. إلخ، يقدم لنا العديد من الخبراء والمفكرين والمختصين المشهود لهم بالعلم والكفاءة والتميز، الكثير من المقترحات والحلول المبنية على معايير وأسس عصرية صحيحة، في نفس الوقت قابلة للتطبيق وتتلائم مع ظروفنا وأحوالنا.. ومع ذلك لا نأخذ بها ونظل "محلك سر" وندور في حلقة مفرغة لا تؤدى في النهاية إلى أي نتائج إيجابية مأمولة.
وكثيرا ما شكل عدم الأخذ بهذه المقترحات والحلول للعديد من المهتمين على مدى سنوات طويلة لغزًا محيرًا استعصى عليهم فهمه، ودائمًا ما كان ذلك الأمر موضع اندهاش، ومصدر تساؤل عمن يمكن أن يكون هو السبب الحقيقى الذي يقف حجر عثرة يحول دون الاستفادة من هذا الزاد الفكرى الذي يمكننا من التحرك في هذه الملفات الصعبة بخطوات إيجابية محسوبة ومؤكدة..
وبالبحث والتحليل الدقيق للحقائق والأحداث والشواهد المؤكدة لأسلوب إدارتنا، أقولها بكل أمانة وموضوعية إن "حجر العثرة" الحقيقى الذي حال سابقًا، ويحول الآن، وسيظل يحول في المستقبل ضد أي تطور ينقلنا للامام في الملفات الصعبة هما ثنائية "رشدى الخيال، وفتحى نوفل" التي وردت بمنتهى الحرفية والإتقان في رائعة كاتبنا المبدع "وحيد حامد" في فيلم "طيور الظلام" عام 1995.
مع الأسف نظرة بسيطة على كل المستويات الإدارية في وطننا الحبيب، ستدلنا بكل وضوح أن هذا الثنائى المتلازم ما زال موجودًا بقوة، وهو يحارب كل العوامل والأسباب التي يمكن أن تؤدى إلى تمكين النوابغ والنابهين في جميع المجالات، لأنه سينكشف بالطبع حينئذ، وستظهر حقيقته المجردة أنه ليس أكثر من ثنائى فاشل متسلق محدود المهارات والقدرات، ولكنه استطاع بالحيلة والنفاق أن يصل إلى ما وصل إليه، لذلك فإذا كنا جادين حقًا في إحداث تغيير جذرى حقيقى في أسلوب تعاملنا مع تحدياتنا ومشاكلنا البارزة فلا بديل عن التخلص من ثنائى "طيور الظلام" في جميع المجالات.. والله من وراء القصد.