رئيس التحرير
عصام كامل

التيار السلفي يدخل الحياة السياسية بالمغرب.. خبير: يعيش المراجعات التي عرفتها الحركات الإسلامية للانفتاح.. بعض مشايخه يفضلون أخذ مسافة من عملية الانضمام

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

اعتبر المختص في شئون الحركات الإسلامية في المغرب، بلال التليدي، أن انضمام بعض القيادات السلفية إلى حزب النهضة والفضيلة الإسلامي أمس السبت، يؤكد أن "التيار السلفي في المغرب، سيعيش ذات المراجعات التي عرفتها الحركات الإسلامية، في اتجاه الانفتاح أكثر على العمل السياسي والتطبيع معه وفق الشروط والقواعد المتعارف عليها".

وأضاف التليدي أن "مسار تطور مواقف عدد من قيادات التيار السلفي في المغرب، كان يتجه نحو تبني خيار المشاركة السياسية وإن اختلفت وتيرة السرعة في اعتماد هذا الخيار باختلاف القيادات وطبيعة المراجعات التي قامت بها والفرص المطروحة أمامها كمنفذ لدخول العمل السياسي".
ولفت التليدي إلى أن "هناك بعض شيوخ السلفية يفضلون أخذ مسافة من عملية الانضمام، وعوضا عن الإسراع، التأني للحسم في أي الخيارات هي الأفضل لها، فيما بادرت بعض القيادات إلى الإعلان عن رغبتها في إنشاء أحزاب سلفية في محاولة لمحاكاة التجربة المصرية في هذا المجال، وهو ما كان (محمد الفزازي) أحد الشيوخ السلفيين البارزين الذين اعتقلوا على خلفية أحداث 16 مايو سنة 2003 قد عبر عنه في مناسبات عدة، إلا أن السلطات المغربية لم تعلن إلى غاية الآن عن موافقتها على إنشاء مثل هذا الحزب وفقا لهذه المرجعية".
واستبعد الخبير المغربي " انضمام بعض القيادات المحسوبة على التيار السلفي إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب، على الرغم من مرجعيته الإسلامية"، التي تستجيب حسب تعبيره "لأحد أبرز شروط اندماج السلفيين في أي تنظيمات حزبية أخرى وهي توفر المرجعية الإسلامية".
وأرجع التليدي استبعاد هذا الخيار إلى كون "الملف السلفي ما يزال يشكل مصدر حساسية لعديد من الجهات، وأنه سيكون مكلفا من الناحية الانتخابية بالنسبة للحزب نفسه، بالإضافة إلى أن مسار التطور السياسي للحزب لا يتقاطع مع رؤى وتصورات التيار السلفي".
وفي هذا السياق أكد التليدي على أن "بروز محاولات سلفية بالانخراط في الشأن السياسي هي في هذه المرحلة مسألة وجود، وتصالح مع السياسة، وطريقة للدفاع عن أطروحاتها بعد المراجعات، بغض النظر عن الإطار السياسي الحاضن لهذه القيادات، فيكفي أن تتوفر فيه شروط الحد الأدنى مع مرجعياتها وتصورها للعمل السياسي".
وكان المغرب قد اعتقل مئات الأشخاص بتهمة الانتماء لتيار "السلفية الجهادية" عقب التفجيرات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء، (90 كيلومترا جنوبي الرباط)، مساء يوم 16 مايو 2003 وما تلاها من عمليات "إرهابية" خلال السنوات اللاحقة، حيث تمت محاكمتهم بموجب قانون الإرهاب.
ويرى مراقبون أن التجربة التي قادها الزعيم الإسلامي محمد الخليدي رئيس حزب النهضة والفضيلة مع السلفيين الخمسة المنضمين أمس السبت لحزبه، "تشبه إلى حد بعيد" نفس التجربة التي قام بها الزعيم الإسلامي عبد الكريم الخطيب رئيس حزب الحركة الشعبية الديمقراطية الدستورية بإدماج عبد الإله بنكيران (الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب) وعدد من قيادات حزب العدالة والتنمية الحاليين في حزبه قادمين من الشبيبة الإسلامية (حركة إسلامية معارضة).
ومن جانبه رأى التليدي أن التيار السلفي من خلال تطبيعه مع العمل السياسي وسعيه للالتحاق بعدد من التنظيمات السياسية أو تشكيل تنظيمات موازية يهدف بالأساس إلى ''التقليل من التوجس والريبة التي تطبع علاقته بالدولة وبالمجتمع" ومحاولته " للتطبيع الكامل مع السياسة وفق القواعد المتعارف عليها في البلاد، لا من خلال النموذج الذي كانت بعض هذه القيادات تتبناه وتتمنى تطبيقه في الواقع"، معتبرا "أن لا خيار للدولة المغربية سوى فتح الباب أمام هذا الفصيل السياسي الجديد، بدلا من أن يشكل مصدر تهديد ومحل توجس دائما لها".
وأثار خبر انضمام 5 قيادات محسوبة على التيارات السلفي أمس السبت إلى مراكز قيادية بحزب النهضة والفضيلة الإسلامي، ردود فعل متباينة داخل تيارات الحركة الإسلامية في المغرب، حيث عبر محمد الريسوني الرئيس الأسبق لحركة التوحيد والإصلاح (الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية الحاكم) عن ترحيبه بالمبادرة وتمنى - في رسالة وجهها إلى أحد القيادات المشاركة في عملية الاندماج -'التوفيق من أجل خدمة قضايا الدين والمجتمع".
في المقابل قلل حسن الكتاني (أحد شيوخ السلفية الجهادية المفرج عنهم مؤخرا) في تصريح صحفي من حظوظ نجاح تجربة اندماج السلفيين في بعض الأحزاب المغربية، معتبرا "أن العمل الدعوي في هذا السياق أهم وأثمر من العمل السياسي".
ومعلقا على الانتقادات التي وجهت لعدد من القيادات السلفية التي أعلنت أمس عن انضمامها بشكل رسمي إلى حزب النهضة والفضيلة الإسلامي، بعد مفاوضات مع رئيس الحزب محمد الخالدي، قال أحد المنضمين وهو الشيخ السلفي عبد الوهاب رفيقي الملقب بـ"أبي حفص" على موقعه على شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أن المعترضين على دخول هذه القيادات السلفية إلى معترك السياسة يجب تذكيرهم أنه "يوم هتكت أعراضنا، وسلبت حرياتنا، فكنا نستجدي الأحزاب بكل تلاوينها أن تكتب عنا ولو سطرا في الصفحة الأخيرة من مطبوعاتها، فلا نجد إلا ساكتا أو منافقا أو مستضعفا مثلنا".

ومن بين المنضمين إلى الحزب إلى جانب "أبي حفص" أقطاب سلفية بالمغرب هم (هشام التلمساني، عمر الحدوني، عبد العالي حارث، جلال المودن).
وكانت عدة اجتماعات عقدت شهر أبريل ومايو الماضيين، شارك فيها عدد من الحقوقيين والسياسيين المغاربة من أجل بحث حل نهائي لملف "السلفية الجهادية" بالمغرب، ودعوة الحكومة لإطلاق سراح باقي المعتقلين الذي ينتمون للتيار "السلفي الجهادي" والذي اعتقلوا على خلفية اشتباههم بالضلوع في التفجيرات الإرهابية التي هزت مدينة الدار البيضاء في 16 من مايو سنة 2003.

ويأمل ناشطون حقوقيون مدنيون وسلفيون وسياسيون، أبرزهم قياديون بحزب "العدالة والتنمية" الإسلامي الحاكم، في التوصل إلى حل نهائي مع الدولة يفضي إلى طي ملف السلفية الجهادية وإطلاق سراح جميع المعتقلين وفقا لاتفاق سابق بين ممثلين عن المعتقلين السلفيين والسلطات المغربية ممثلة في عدد من الهيئات الحكومية.
الجريدة الرسمية