مجلس الدولة: التعسف في استعمال الحق بالتقاضى غير مقبول ويغرم مقيم الدعوى
أرست محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، مبدأ قضائى جديد بأن التعسف في استعمال حق التقاضي يجعل الدعوى غير مقبولة ويغرم صاحبها، وذلك إن انتفت المصلحة في الدعوي وانطوى استعمال الحق في التقاضي على إضرار بالغير أو إساءة إلى سمعتهم، أصبحت الدعوى غير منتجة أو كيدية، وخرجت عن السياق المرسوم لها، وكان صاحب الشأن متعسفاً في استعمال حقه في التقاضي.
وذكرت المحكمة فى حيثيات حكمها بأن الحق في التقاضي يعدو من الحقوق الإجرائية المكفولة دستورياً، وقد اصطلح الفقه الحديث على تسميته بحق الدفاع القضائي بحسبانه وسيلة الأفراد في دفع اعتداء الغير على حقوقهم أو مراكزهم القانونية، مهما تنوع شكل هذا الاعتداء وتعددت ألوانه، وهو ما يسوغ لصاحب الشأن طلب الحماية القضائية، ويوفر له من ثم مصلحة في إزالة هذا العدوان أو توقيه، فإن انتفت تلك المصلحة وانطوى استعمال الحق في التقاضي على إضرار بالغير أو إساءة إلى سمعتهم، أضحت الدعوى غير منتجة أو كيدية، وخرجت عن السياق المرسوم لها، وكان صاحب الشأن متعسفاً في استعمال حقه في التقاضي.
التأديبية العليا" تعاقب وكيل وزارة بالأوقاف ومسئولي الإجازات
وتابعت المحكمة بأنه لا يعدو ذلك أن يكون إلا نزولاً على ما فصّلته المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني من ضوابط بشأن استعمال الحق، بأنه إذا كان هذا الاستعمال مشروعاً فإن ذلك لا يرتب مسئولية على صاحب الشأن إذا نتج عن استعماله ثمة أضرار إلا أن استعمال الحق يكون غير مشروع حال إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها زهيدة مقارنة بما يصيب الغير من ضرر، أو إذا كانت تلك المصالح في الأصل غير مشروعة.
وهكذا فإن قبول الدعوى القضائية يتقيد بما نصت عليه صراحة المادة الثالثة من قانون المرافعات المدنية والتجارية وكذا المادة (12) من قانون مجلس الدولة- من ضرورة توافر مصلحة لرافع الدعوى، وأن تكون تلك المصلحة شخصية ومباشرة وقائمة ومشروعة، والمصلحة في الدعوى بصفة عامة هي الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى من الحكم له بطلباته.
فإن انتفت تلك الفائدة أضحت الدعوى جديرة بعدم القبول وبالنظر إلى أهميته وحتى لا تثقل المحاكم بدعاوى لا طائل منها، فقد أسبغ المشرع على الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة ذات الطبيعة التي تتسم بها دفوع النظام العام، بحيث تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وفي أي حالة تكون عليها الدعوى.
كما رتب المشرع جزاء على رفع الدعوى دون توافر مصلحة، إذ أجاز للمحكمة الحكم على رافع الدعوى عندئذ بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه وذلك، شريطة أن يثبت للمحكمة أن المدعي أساء استعمال حقه في التقاضي، وذلك بطبيعة الحال وفقا للضوابط سالفة الذكر.