رئيس التحرير
عصام كامل

«منتج استيطاني» يهدد صادرات إسرائيل لأوربا.. ملصق على المنتجات لحرمانها من الامتيازات الضريبية.. تبلغ قيمتها 230 مليون يورو سنوياً.. و13 وزير خارجية يدعمون المساعي

جانب من اجتماع الاتحاد
جانب من اجتماع الاتحاد الأوربي

"منتج استيطاني".. شعار تنوي ألمانيا من خلاله أن تدعم خطوات "الاتحاد الأوربي" الرامية لوضع ملصق تجارى على منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس، وهو ما يحرم تلك المنتجات من الامتيازات الضريبية التي يمنحها لها الاتحاد الأوربي، كما يُسهّل على المستهلك تمييزها، وبالتالي مقاطعتها في بعض الأحيان.


وتتزامن الخطوة مع نفي الاتحاد الأوربي تأجيل قراره وضع "ملصق تجاري" على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما أصاب إسرائيل بخيبة أمل كبيرة تشبه "الصفعة"، ودفع "الخارجية الإسرائيلية" للخروج بتصريحات تبتز الفلسطينيين، وتخشى من نزع الشرعية الدولية والقانونية عن الاستيطان ومشاريعه، كما يقول خبراء فلسطينيون.

ودعا هؤلاء الخبراء أن تتعاظم الجهود السياسية والشعبية من أجل دعم وسم منتجات المستوطنات والخروج بموقف أوربي موحد يكون مقدمة لخطوات أكثر اتساعا وأشد تأثيرا لصالح القضية الفلسطينية.

وكان الاتحاد الأوربي قد نفي الإثنين الماضي تأجيل قراره وضع ملصق تجاري على منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس.

وقال الاتحاد في بيانٍ له:"خلافا لما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، لم يتم إرجاء تنفيذ القانون الأوربي حول وضع ملصق تجاري على منتجات المستوطنات."

وكانت صحف إسرائيلية نقلت عن مصادر دبلوماسية أوربية ومسئولين إسرائيليين، لم تكشف هوياتهم، أن الاتحاد الأوربي وافق على تأجيل هذه الخطوة حتى نهاية يونيو بناء على طلب الولايات المتحدة.

وفي 12 مايو 2012 أكدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي عزمها على تطبيق "القانون الأوربي والاتفاقات الثنائية المتعلقة بالسلع المنتجة في المستوطنات".

وكان 13 وزير خارجية في الاتحاد الأوربي بينهم البريطاني ويليام هيغ، والفرنسي لوران فابيوس، قد أبدوا جميعًا دعمهم لمساعي الاتحاد الأوربي وضع بطاقات تعريفية على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، الأمر الذي سيهدد استفادة هذه المنتجات من الامتيازات الضريبية التي يمنحها الاتحاد الأوربي، وسيسهّل تمييزها من قبل التجار والمستهلكين في الأسواق.

وأفاد تقرير أصدرته 22 منظمة غير حكومية موخرًا أن الاتحاد الأوربي يستورد سلعا من المستوطنات الإسرائيلية تفوق أضعاف ما يستورده من الأراضي الفلسطينية (230 مليون يورو مقابل 15 مليون يورو).

ولأن الساسة الأوروبيين باتوا غير قادرين على تبييض وجه الانتهاكات الإسرائيلية أمام الرأي العام فإنه من الطبيعي أن يقرر الاتحاد الأوربي خطوة وسم أو وضع ملصق تجاري على منتجات المستوطنات بتأكيد المدير الإقليمي لمجلس العلاقات الأوربية - الفلسطينية "رامي عبدو" والذي توقع أن يخرج الاتحاد الأوربي بقرارات أكثر جرأة واتساعا، وأهمية لصالح القضية الفلسطينية.

وتتمثل تلك القرارات باتخاذ عقوبات على الشركات التي تتعامل مع المستوطنات، ومنع "غلاة" المستوطنين من دخول أوربا.

واستدرك عبدو بالقول:" والأهم هنا أننا ولأول مرة أمام موقف أوربي موحد، ولغة جديدة تؤيد القضية الفلسطينية وتزداد قوة يوما بعد يوم في بعدها الاقتصادي والسياسي."

والانتصار الحقيقي لهذه الخطوة الهامة اقتصاديا هو نزع الشرعية الدولية والقانونية عن المستوطنات ووجودها، وهو ما تخشاه إسرائيل ودفعها، كما يؤكد عبدو، إلى إطلاق التصريحات في الإطار الدعائي بأن منتجات المستوطنات تصنع في "منطقة السلام"، وأنها تضر بالفلسطينيين.

وكان بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، قد أشار إلى أن تمييز منتجات المستوطنات سيضر بالفلسطينيين واقتصادهم.

ولفت بيان " الخارجية" إلى أن نحو 22 ألف فلسطيني يعملون في المستوطنات، وعليه فإن وسم منتجات المستوطنات من شأنه أن يؤدي لانخفاض الطلب عليها، الأمر الذي سيؤدي إلى فقدان عدد كبير من الفلسطينيين لأماكن عملهم.

فيما يواصل وزير الاقتصاد الإسرائيلي "نيفتالي بينيت"، حملة في المستوطنات لحشد تأييد يطالب بطباعة عبارة "صنع في منطقة السلام" بدلا من اسم المستوطنة.

وبحسب إحصائيات إسرائيلية فإن حجم صادرات منتجات المستوطنات خلال عام 2012 انخفض بنحو 36٪، بسبب مقاطعة بعض أسواق الدول الأوربية وأسواق الضفة الغربية لهذه المنتجات.

ومع الحديث عن دعم ألماني لخطوة الاتحاد الأوربي الرامية لوسم منتجات المستوطنات، فإن إسرائيل تبدو أمام خيبة اقتصادية وسياسية، كما يرى خبير الاقتصاد الفلسطيني "نصر عبد الكريم"، والذي أكد في حديثه لوكالة الأناضول للأنباء أن ما تخشاه إسرائيل أن يكون الاقتصاد بوابة لعزلتها سياسيا.

وكانت إذاعة جيش الاحتلال قد كشفت عن اطلاعها على مستند رسمي لدعم ألمانيا لخطوات الاتحاد الأوربي بشأن وسم منتجات المستوطنات، ونقلت الإذاعة عن مسئولين إسرائيليين قولهم بأن هذا الموقف سيكون ضربة موجعة للاقتصاد الإسرائيلي.

ولا يريد الفلسطينيون بتأكيد "عبد الكريم"، سوى زوال المستوطنات، قائلا: " لو خير العامل الفلسطيني بين مصلحته الاقتصادية وبين الحد من الاستيطان وإيقافه لن يتردد في اختيار زوال الاستيطان الذي يلتهم الأرض ويحرم الاقتصاد الفلسطيني من النمو."

ويتمنى الكاتب والمحلل الاقتصادي الفلسطيني " محسن أبو رمضان " أن تتفاعل الجهود الفلسطينية والعربية والدولية من أجل نزع الشرعية عن المستوطنات.

وقال إن إسرائيل تريد التوسع في الاستيطان وهو الأمر الذي يستدعي محاربته ومواجهته دوليا، مؤكدا في ذات الوقت على أن المستوطنات بحد ذاتها هي خسائر اقتصادية فادحة للفلسطينيين.

واستدرك بالقول: " إنها تلتهم الأراضي والعقول، ومطلوب أمام تنامي حركات التضامن في الغرب مع الفلسطينيين أن تمنع أوربا دخول هذه المنتجات، وأن تكون خطوة لنزع الشرعية عن المستوطنات."
ويبلغ عدد المستوطنات في الضفّة الغربيّة المحتلّة 144 مستوطنةً رسميّة، منها 16 في مدينة القدس، إضافة إلى نحو 100 بؤرة استيطانيّة غير رسمية تنتشر في أنحاء الضفّة الغربيّة والقدس.
الجريدة الرسمية