رئيس التحرير
عصام كامل

علاقة المخابرات مع الرئاسة متوترة.. بطولاتها تحصنها من مرسي والإخوان.. قادتها مصدومون من الحوار حول سد النهضة.. مخاوف من استهداف الأعداء لإثيوبيا لتوريط مصر

اللواء رأفت شحاتة
اللواء رأفت شحاتة رئيس جهاز المخابرات المصرية

اعتادت مؤسسة الرئاسة منذ فوز الدكتور محمد مرسى بمنصب رئيس الجمهورية على الدخول في صراعات معلنة وخفية مع مؤسسات الدولة تارة بهدف ترويضها وتارة أخرى بهدف أخونتها وتارة ثالثة بهدف تشويه صورتها أمام المواطنين.


ولم تكن المخابرات العامة بمنأى عن هذا الأسلوب الرئاسى، وليس أدل على ذلك أكثر من تصريح المهندس أبو العلا ماضى، يوما ما بأن الرئيس مرسى قال له، إن المخابرات أنشأت تنظيم من 300 ألف بلطجي وهو التصريح الذي آثار عاصفة من الجدل حول كواليس العلاقة بين الجهاز ومؤسسة الرئاسة أو لأن المتحدث الرسمى للرئاسة وقتها رفض التعليق على التصريحات مكتفيا بالتأكيد على أن المخابرات هو جهاز وطني معربا عن تقدير الرئاسة له.

و في الآونة الأخيرة عاد التوتر يظهر إلى السطح مرة أخرى بعد أزمة سد النهضة الاثيوبي والتي زادت حدتها بعد جلسة الحوار الوطني التي عقدتها رئاسة الجمهورية مؤخرا والذي أذيع دون علم الحضور، ما أدى إلى ظهور عدد من الآراء التي اعتبرت تحريضا ضد إثيوبيا إذ أعدت المخابرات تقريرا عن هذا الحوار معتبرة أنه "كارثة" يمكن أن تستغل ضد مصر في المحافل الدولية خاصة وأنه يحمل نوعا من التحريض على إثارة البلبلة في المجتمع الإثيوبي خاصة وان بعض الدول المعادية لمصر قد تستغل هذا الحوار في توجيه ضربة إلى سد النهضة حتي تتورط مصر فيها.

كما ذكرت عدد من التقارير الصحفية أن اللواء رأفت شحاتة رئيس جهاز المخابرات العامة كان قد طلب من الرئيس محمد مرسي تولى المخابرات ملف المياه بالكامل باعتبارها القادرة على حل القضية وذلك دون تدخل من الرئاسة، ودون الإفصاح عن أي معلومات تضر بالأمن القومي المصري لمحاولة تفادي أي أزمة متوقعة مع الجانب الإثيوبى.

وفي هذا السياق أكدت مصادر أن حالة من الغضب تسيطر على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بسبب تحفظ قيادات المخابرات على موقف الرئاسة من أزمة إثيوبيا، مؤكدين أن الجماعة تسعى إلى السيطرة على الجهاز وفرض نفوذها عليه أيا كانت الخسائر بسبب إدراكهم أن الجهاز هو السد الحصين الذي يقف أمام سياسات الجماعة خاصة وأن لجهاز يتمتع بمكانة عالية في نفوس المصريين بسبب بطولاته التي أبهرت العالم في مرحلة من أصعب مراحل تاريخ مصر.

واستدلت المصادر على التاريخ المشرف للمخابرات العامة بنماذج كثيرة منها الفريق أول محمد رفعت جبريل والذي عرف في أوساط المخابرات باسم "الثعلب" لذكائه وحنكته والذي قام بعدد من العمليات الهامة ومنها القبض على الجاسوس الإسرائيلي الشهير باروخ مزراحي والذي حاولت إسرائيل إنقاذه عن طريق إرسال وحدة كاملة من المقاتلات خلف الثعلب الذي عبر الصحراء والوديان حتي وصل إلى البحر لتلتقطه من هناك غواصة مصرية.

وعن أشهر وأخطر العمليات التي قام بها الثعلب على الإطلاق هي نجاحه في زرع أجهزة تنصت دقيقة داخل أحد المقار السرية للموساد بإحدى العواصم الأوربية، وذلك لتسجيل جلسات التعاون بين مخابرات أوربية وشرقية مع إسرائيل في بداية السبعينيات وهي العملية التي تم بفضلها كشف الدور التآمرى لهذه الدول والتي كان بعضها يؤكد صداقته ودعمه لمصر حتي أن المشير أحمد إسماعيل، رئيس جهاز المخابرات العامة في ذلك الوقت، أكد له أن هذه العملية كانت بمثابة البداية الحقيقية للعبور.

كما يذكر المصريون بطولة المخابرات في قضية رفعت الجمال والذي رحل إلى إسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية في إطار خطة منظمة إذ تمكن من إقامة مصالح تجارية واسعة وناجحة في تل أبيب وأصبح شخصية بارزة في المجتمع الإسرائيلي، وقام لسنوات طويلة بالتجسس وإمداد جهاز المخابرات المصري بمعلومات مهمة وخطيرة تحت ستار شركة سياحية داخل إسرائيل بلاده، منها موعد حرب يونيو لسنة 1967 وكان له دور فعال في الإعداد لحرب أكتوبر سنة 1973 بعد أن زود مصر بتفاصيل عن خط برليف.

وقد سببت هذه العملية ضربة عنيفة لأسطورة تألق الموساد وصعوبة اختراقه وهي عملية سجلت بحروف من نور في تاريخ المخابرات كما تم اعتبار الهجان بطلًا قوميًا في مصر.

كما قدمت المخابرات قصة من أعظم البطولات في العمل المخابراتى وهي قصة أحمد الهوان أو جمعة الشوان والذي عمل كعميل مزدوج للمخابرات المصرية والإسرائيلية بعد نكسة 1967 وتمكن بفضل تدريبه وخطط المخابرات من الحصول على أصغر جهاز إرسال تم اختراعه في ذلك الوقت ليكون جاسوسا دائما في مصر بما تسبب في حالة من الصدمة للموساد الإسرائيلي خاصة بعد أن أرسل رسالة إلى الموساد بعد وصوله إلى مصر يشكرهم فيها على حسن تعاونهم معه.
الجريدة الرسمية
عاجل