بناة السد العالي يتحدثون: ملحمة وطنية أثبتت ترويض المصريين للنيل
ستون عاما مرت على تاريخ البدء في تأسيس مشروع السد العالي، وتحديدا في التاسع من شهر يناير عام 1960، قبل أن تمر الأيام ليصبح البناء المصري، أعظم مشروع هندسي في القرن العشرين، حسب تصنيف الهيئة الدولية للسدود.
والتقت وكالة أنباء الشرق الأوسط بعدد من الرجال الذين سطروا أسماءهم بأحرف من نور، ليظلوا علامة مضيئة في تاريخ هذا الوطن، بعد أن حققوا إنجازا استثنائيا في تاريخ مصر وللأجيال القادمة "هم بناة السد العالي، أصحاب هذا الإنجاز التاريخي والذي شهد له العالم أجمع، كأكبر وأعظم مشروع في القرن العشرين، والذي لم يتحقق إلا بإصرار وتضحيات وبطولات هؤلاء الرجال، الذين حملوا الأمانة بكل صدق وإخلاص، ووفاء في ملحمة وطنية، رافضين الوصايا الأمريكية، وقرارات البنك الدولي، التي أرادت كسر الإرادة الوطنية لهذا الشعب برفضها تمويل مشروع السد العالي".
وروى محمد نوبي (64 عاما) أحد بناة السد العالي أنه التحق بالعمل بالمشروع في سن مبكرة جدا، حيث كان يبلغ من العمر 16 عاما وأنه شاهد جميع مراحل اكتمال إنشاء هذا الصرح، حيث عمل في مختلف مراحله الإنشائية ، وأنه كان أحد شهود العيان على اكتمال هذا الحلم الضخم، وكانت سعادتنا الأكبر في وصول أول توربينة خاصة بمحطة كهرباء السد العالي قادمة من الاتحاد السوفيتي عن طريق نهر النيل.
دفعنا ثمن الحرية بدم.. "السد العالي" قصة الحرب والتنمية
وأضاف أن أهالي أسوان بالكامل سارعوا إلى استقبال وصول هذه التوربينة وكأنه الحلم الذي ينتظره الجميع بشغف ، حتى أن المواطنين الذين كانوا في استقبالها ، كانوا يوزعون الفاكهة والبلح والحلوى على العمال وعلى الناس في الشوارع ابتهاجا ببدء أولى مراحل المشروع بعد أن بدأ يخرج إلى النور .. مؤكدا أن "السد العالي" ملحمة وطنية أثبتت ترويض المصريين للنيل. وقال محمد عبدالباسط عثمان ( 75 عاما) "إنه كان أحد عمال شركة مصر للأسمنت المسئولة عن صب الخرسانات بالمشروع ، وكنا نواصل الليل بالنهار من خلال 3 ورديات يومياً، وكنا نستيقظ من الفجر للذهاب إلى الوردية التي تبدأ في السابعة صباحاً وحتى الثانية ظهراً، وكنا نواصل السير لمسافة 8 كيلومترات يومياً للذهاب إلى الموقع، ولم يكن هناك وقت للراحة، حيث لا يتخلل وقت العمل سوى ساعة وقت الغداء، ثم نعاود العمل في جد واجتهاد، وكان أول راتب تقاضيناه وقتها 7 جنيهات".
ويسرد عبد الكريم كمال الدين مصطفى (85 عاما) من بناة السد العالي: "كنا نتقاضى يومية قدرها 10 قروش، حيث كان يعمل في التجريف وإزاحة أعمال الردم للجبال التي يتم تفجيرها لإنشاء السد العالي، كما شارك في صب قاعدة السد العالي".. مؤكدا أنه كان يكفيه تكريم الرئيس جمال عبد الناصر له كغيره من العمال.
وفي سياق متصل .. تحتفل أسوان غدا الثلاثاء بعيدها القومي والذي يتزامن مع ذكرى الانتهاء من مشروع السد العالي عام 1971، حيث يشهد الاحتفالات محافظ أسوان وعدد من المحافظين السابقين.
وأوضح المحافظ أشرف عطية أن الاحتفالات تبدأ بإيقاد شعلة الاحتفال أمام النصب التذكاري لرمز الصداقة المصري الروسية بالسد العالي، والذي يعقبه طابور العرض أمام مبنى ديوان المحافظة بمشاركة فرق الشباب والرياضة والتربية والتعليم وقصر ثقافة أسوان وعربات الزهور وعدد من الجهات والهيئات الحكومية والخاصة.