الآن وإلا!
مما لا شك فيه أن حادث التحرش الجماعى الهمجى الذي حدث بمدينة المنصورة منذ عدة أيام لا ينبغى أن يمر هذه المرة مرور الكرام، نظرًا لأنه ليس الأول وكل المؤشرات والشواهد تؤكد أنه لن يكون الأخير، وهنا من المهم أن ندرك إدراكًا لا لبس فيه أن تكرار مثل هذه النوعية من الجرائم الخسيسة يكون لها أثار سلبية شديدة الخطورة على كل ما يختص بأمن وسلامة وترابط المجتمع من الداخل، ناهيك عما ستؤدى إليه بالتأكيد من تشويه كبير في الصورة الذهنية التي ستتكون لدى المواطنين غير المصريين عن بلادنا في الخارج.
يا سادة كتبنا مرارًا وتكرارًا إننا نعيش في الوقت الحاضر حالة انحطاط أخلاقى غير مسبوقة في كل تاريخنا القديم والمعاصر، وهى حالة لا يمكن أن تخطئها أيعين، ويشهد عليها القاصى والدانى، وهو ما يستوجب أن تستشعر جهات الاختصاص في الدولة على مختلف مستوياتها خطورة ترك هذا الوضع على ما هو عليه دون حلول جذرية، لأننا في هذه الحالة سننهار من الداخل لا محالة إن عاجلًا أو آجلًا.
اقرأ ايضا: غياب الأخلاق
إن أخطر ما في هذه المأساة أن بيننا عددا غير قليل وصلت به مرحلة الخراب والتطرف الفكرى إلى إلقاء اللوم في هذا الحادث البشع على الزى الذي كانت ترتديه الفتاة؟!، وهنا لابد أن أستحضر نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، والتي يعمل ويعيش داخل أراضيها مواطنين يمثلون أكثر من 200 جنسية مختلفة، ويرتدى كل منهم الزى الذي يتناسب مع ثقافته ومعتقداته بمنتهى الحرية التامة دون أن يجرؤ أن يتعرض إليهم أي أحد، مقدمين بذلك نموذجا رائعا ويحتذى عن كيفية اندماج الثقافات والتعايش السلمى الحقيقى، وبالتأكيد لم يكن ذلك من الممكن أن يتم دون وجود قانون رادع، وآليات لتطبيقه سريعة وفعالة وتحاسب المخطئ قبل أن يرتد إليه طرفه، وهو ما نفتقده بكل تأكيد.
واقرأ ايضا: المعاملة والمسئولية!
إذا كنا جادين حقًا في إعادة بناء الإنسان على أسس صحيحة، فإننا بكل أمانة وموضوعية نحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى أن ننقل ملفات التعليم، والثقافة، والإعلام، والفن، والشباب والرياضة، والقوانين والتشريعات وآليات تطبيقها، من مرحلة الهواية إلى مرحلة الاحتراف، وإن لم نفعل.. فالمستقبل سيكون كارثى النتائج علينا جميعًا بكل تأكيد. والله من وراء القصد.