المعاملة والمسئولية!
من أكثر الأشياء التي تترك ندبات مؤثرة شديد السلبية في قلب الإنسان ورأيتها من قبل مرارًا وتكرارًا ولا ينتبه إليها تحديدًا العديد من الآباء والمسئولين، هي المعاملة القاسية الظالمة سواء مع الزوجة والأبناء، أو المرءوسين، أو المواطنين، ودائمًا ما يكون مبررهم لذلك هو أن القسوة والشدة هي الأسلوب الأمثل لفرض الانضباط وتحمل المسئولية سواء في محيط الأسرة أو العمل أو على مستوى الدولة ككل.
وإذا ما قارنا سلوكهم المؤذى هذا مع ما أمرنا به الله جل وعلا، ونصحنا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم سنجده بعيدًا كل البعد، ومتناقضًا كل التناقض مع هذه الأوامر والنصائح، فالله سبحانه وتعالى يقول مخاطبًا سيد البشرية: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك".
اقرأ ايضا: غياب الأخلاق
ويقول سيد الأنبياء والمرسلين واصفًا خير أولى الأمر: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، كما أخبرنا في واحدة من أجمل عباراته التي تبعث في النفس الراحة والسكينة: أن الله قد حرم على النار كل هين، لين، سهل. وقد ورد عن السلف الصالح فيما يخص الحال الذي يجب أن يكون عليه رب الأسرة تجاه زوجته وأبنائه: خيركم من إذا دخل بيته فرحت زوجته واستبشرت أولاده، وشركم من إذا دخل بيته خافت زوجته وهربت أولاده.
إذًا فكل رب أسرة، وكل مسئول، وكل حاكم، مطالبون مطالبة لا لبس فيها بالبعد عن الإتيان بأى قدر من القسوة أو الظلم في التعامل، لما لذلك من أثر مدمر على كل نفس، لأنه حينها يصنع إنسانًا خائفًا مكبوتًا غير قادر على التفكير السوى، ويكون في نفس الوقت عرضة للاستقطاب، أو التطرف، أو الانفجار، في أي لحظة.
الحقائق المؤكدة تخبرنا أن الطيبة، والرحمة، والعدل تصنع أجمل وأرقى الأسر والمجتمعات.. والغلظة، والقسوة، والظلم تخرج أسوأ، وأردأ ما في الناس. ارحموا، ولينوا، واعدلوا، وافتحوا آفاق الحرية الحقة، إذا كنتم حريصين صدقًا، وحقًا على أن نرى مصر العظيمة التي نرجوها جميعًا بإذن الله.